رموا الجمار وفي فؤادي منهم

رَمَوا الجِمارَ وَفي فُؤادي مِنهُمُ

أَفديهُمُ جَمر الغَضا يَتَضَرَّمُ

لَمّا أَتَوا عَرَفات اِشتَمَلوا عَلى

إِنكارِنا سَلِموا فَهَلّا سَلَّموا

وَعَلى الصَفا لَم يَصفُ وُدُّهُم وَلي

قَلبٌ هُناكَ مُتَيَّهٌ وَمُتَيَّمُ

بَلَغوا المُنى بِالعَيشِ إِذ بَلَغَت مِنىً

حَتّى إِذا زُمَّت بِزَمزَمَ زَمزَموا

جَهَروا بِتَلبِيَةٍ الإِلَهِ فَصادَفَ ال

دُرَّ النَّثيرَ اللؤلُؤُ المُتَنَظِّمُ

وَثَنَوا إِلى الحَجَرِ الأَحَمِّ مَباسِماً

عَنها البروقُ لَوامِعاً تَتَبَسَّمُ

وَسَفَرنَ عِندَ طَوافِنا عَن أَوجُهٍ

شَمسُ الضُحى حَسَداً لَها تَتَلَثَّمُ

هُم يَمَّموا البَيتَ العَتيقَ لِقَتلِنا

بِئسَ الفِعالُ وَنِعمَ بَيتاً يَمَّموا

لَمّا رَنَونَ بِأَعيُنٍ بِسِهامِها

تَجري عَلى الوَجناتِ مِنهُنَّ الدَّمُ

هَذا لَنا مِنهُم وَنَتبَعُ عيسَهُم

إِن أَيمَنوا أَو أَنجَدوا أَو أَتهَموا

أَيَجوزُ حَجُّهُمُ وَما مِن لَحظَةٍ

إِلّا بِها مِنهُنَّ يُقتَلُ مُسلِمُ

بَيني وَبَينَ القَومِ نَجمُ الدينِ أَع

مَلُ مَن تَصَدَّرَ بِالعُلومِ وَأَعلَمُ

بَحرٌ وَلَكِن بِالمَكارِمِ مُفعَمٌ

حَبرٌ لَدَيهِ كُلُّ حَبرٍ مُفحَمُ

تَسقي الأَقاليمَ الحَيا أَقلامُهُ

وَبِهِنَّ أَظفارُ الخُطوبِ تُقَلّمُ

عَزَماتُهُ شُهبٌ ثَواقِبُ في العُلا

مِنها شَياطينُ الأَعادي تُرجَمُ

تَأبى المَدائِحُ أَن تُصاغَ لِغَيرِهِ

كِبراً وَتَنجَحُ حينَ فيهِ تُنَظَّمُ

وَتُرى الخُصومُ لَدَيهِ شاءً راعَها

بِزَئيرِهِ في الحَفلِ مِنهُ ضَيغَمُ

جاشَ المَديحُ فَلَم أَجِد أَهلاً لَهُ

أَحَداً سِواهُ فَلَم تَلُمني اللُّوَّمُ

عُدِمَ النَّظيرُ لَهُ وَلَو وُجِدَ الغِنى

في دَهرِنا ما كانَ يوجَدُ مُعدِمُ

لَو مُلِّكَ الدُّنيا لَجادَ بِها عَلى

مَن يَعتَفيهِ مُبادِراً لا يَندَمُ

لَمّا رَأى الدُنيا الدَنِيَّةَ أَهلُها

مَعبودُهُم دينارُهُم وَالدِّرهَمُ

هَجَرَ الغِنى وَبَنى لَهُ خَيرَ البُنا

غَنِمَت مَساعيهِ فَنِعمَ المَغنَمُ

مَن كانَ هَذا فِعلُهُ في دَهرِهِ

فَلَهُ الإِلَهُ بِكُلِّ خَيرٍ يَحتِمُ

يَقِظٌ عَلى كَسبِ المَحامِدِ مُقدِمٌ

وَعَنِ الدَنايا وَالمَطامِعِ مُحجِمُ

وَإِلى الطِرازِ الأَوَّلِ اِرتَفَعَت بِهِ

شِيَمٌ لَها الدينُ الرِداءُ المُعلَمُ

ثَبتٌ إِذا طاشَت حُلومُ أولي النُهى

أَرسى بِحِضنَي يَذبُلٍ بَل أَعظَمُ

وَيَدوسُ فَرقَ الفَرقَدَينِ بِهِمَّةٍ

مِن تَحتِ أَخمَصِها السُها وَالمِرزَمُ

ما الرَّوضُ مَمطوراً يُضاحِكُ نَورُهُ

شَمسَ الضُحى فَيَفوحُ وَهوَ مُنَمنَمُ

يَوماً بِأَطيَبَ مِن ثِيابِكَ في الوَرى

كَلّا وَلا مِسكٌ أَريجٌ يَفغَمُ

أَهدَيتُ مَخشَلَباً إِلى مَن لَفظُهُ

دُرٌّ وَسائِطُ حُسنِها تَتَوَسَّمُ

لَئِنِ اِهتَدى بِالنَجمِ أَقوامٌ فَقَد

أَمسَت بِنَجمِ الدينِ تُهدى الأَنجُمُ

بَغدادُ حاسِدَةٌ حماةَ بِهِ وَدِج

لَتُها لِعاصيها تُطيعُ وَتَخدِمُ

وَهوَ اِبنُ حَبرٍ لَيسَ يُنكِرُ فَضلَهُ

وَعُلاهُ في الإِسلامِ يَوماً مُسلِمُ

عَن شَأوِهِ كُلُّ اِمرِئٍ مُتَأَخِّرٌ

وَبِهِ تَقَدَّمَ كُلُّ مَن يَتَقَدَّمُ

وَلأَنتَ نَجمُ الدينِ سَعدٌ ناشِرٌ

فيهِ أَبا سَعدٍ وَفيهِ يُتَرجَمُ

لَكَ يا شَبيهَ أَبيهِ هِمَّتُهُ وَمَن

يُشبِه أَباهُ فَإِنَّهُ لا يَظلِمُ

لَكَ هِمَّةٌ عَلياءُ عُصرونِيَّةٌ

فَالشُهبُ شُهبٌ تَحتَها تَتَحَمحَمُ

لِلشافِعِيِّ بِكُم فَخارٌ بَعدَهُ

أَنوارُهُ مَشهورَةٌ لا تُكتَمُ

وَإِلى أَبي البَرَكاتِ نُسرِجُ خَيلَنا

بِرَجاءِ نائِلِهِ الجَزيلِ وَنُلجِمُ

لا زالَ طولَ الدَّهرِ يُنعِشُ خامِلاً

وَيُفيدُ عِلمَ الخَيرِ مَن لا يَعلَمُ