عد عن العين واليعافير

عَدِّ عَنِ العِينِ وَاليَعافيرِ

وَعن أَثافٍ بَقينَ في الدُّورِ

تِلكَ عِراصٌ مَواثِلٌ دُرُسٌ

عَدَت عَلَيها يَدُ الأَعاصيرِ

فَدَت ظِباءُ الفَلاةِ نافِرَةً

كلَّ طلاً في القُصورِ مقصورِ

يَبسِمُ عَن لُؤلُؤٍ وَعَن بَرَدٍ

وَعَن أَقاحٍ وَعَن سَنا نُورِ

فَالراحُ ياقوتَةٌ بِراحَتِهِ

حَمراءُ نيطَت بِقُضبِ بَلُّورِ

مَتى بَدا أَخجَلَ الغَزالَةَ أَو

رَنا بِطَرفٍ حَليفِ تَكسيرِ

دِمَشقُ كَالشَمسِ لا نَظيرَ لَها

يوجَدُ في سائِرِ التَصاويرِ

كَأَنَّها جَنَّةٌ مُزَخرَفَةٌ

زَهَت بِوِلدانِها وَبِالحُورِ

وَكُلُّ غُصنٍ بِكُلِّ فاكِهَةٍ

دانٍ لِجاني الثِّمارِ مَهصُورِ

تَهُزُّهُ راحَةُ النَسيمِ عَلى ال

رِفقِ فَتُبدي اِهتِزازَ مَقرورِ

وَكُلّ نَهرٍ حَصباؤُهُ دُرَرٌ

جَرَى عَلَيهِنَّ ذَوبُ كافورِ

أَمواجُهُ كَالخُيولِ غائِرَةً

بِهازِمٍ كاسِرٍ وَمَكسورِ

أَسرَعُ مِن أَكلُبٍ وَثَبنَ وَقَد

رَأَينَ صَيداً مِنَ السَواجيرِ

تُطَبِّقُ السَّهلَ وَالحزونَ مَعاً

بِلا دَوالٍ وَلا نَواعيرِ

مَرابِعٌ خَيَّمَ الرَبيعُ بِها

فَما تَرى قَلبَهُ بِمَذعورِ

رِياضُها مِن بَنَفسَجٍ بَهِجٍ

وَنَرجِسٍ مُضعَفٍ وَمَنثورِ

وَوَردُها كَالخُدودِ تصبغُها

كَلَونِها الراحُ في القَواريرِ

تَمنَعُ آنافَنا وَأَعيُنَنا

بِكُلِّ حسنٍ وَكُلِّ تَعطيرِ

وَالطَيرُ في الدَّوحِ شادِياً غَرداً

مِن بُلبُلٍ صافِرٍ وَشَحرورِ

وَمِن هَزارٍ إِذا دَعا سحراً

جاءَ بِداوودَ وَالمَزاميرِ

أُنموذَجٌ لِلجِنانِ رَبوَتُها

تُقَرِّرُ الوَعدَ أَيَّ تَقريرِ

ساحَ بِها الماءُ بَينَ مُرتفِعٍ

وَذي انتِصابٍ وَبَينَ مَجرورِ

تَرقُصُ فيها مِياهُها رَقصاً

كَمُطرِبٍ بِالسَّماعِ مَسرورِ

تَنثُرُ دُراً مِن اللُجَينِ علا

عَلى بِساطٍ مِن الدَّنانيرِ

كَأَنَّ نارَنجَها الكَراةُ إِذا

ما خُرِّطَت مِن سَبائِكِ النورِ

يَلوحُ بَينَ الغُصونِ في الوَرَقِ ال

خُضرِ فَمِن ظاهِرٍ وَمَستورِ

تَصَولَجَ الماءُ فَهوَ يَطلُبُها

رَجاءَ وَصلٍ طِلابَ مَهجورِ

فَكَم حُسامٍ عَلى مَنابِرِ شا

ذَروانِها لِلمِياهِ مَشهورِ

ما لِميادينِها وَلِلشَرَفِ ال

أَعلى نَظيرٌ بِكُلِّ مَنظورِ

عَن شَرَفيها الجِنانُ كاسِفَةً

راسِفَةً في قُيودِ تَقصيرِ

دَع شِعَبَ بَوّانَ وَالأُبُلَّةِ وَال

إيوانَ وَاِغمُد غَمدانَ في البورِ

حازَت صِفاتِ الكَمالِ كَالمَلِكِ ال

صالِحِ ذي المَكرُماتِ وَالخَيرِ

سُبحانَ مَن بِالإِحسانِ زَيَّنَهُ

والحُسنِ في مُسنَدٍ وَمَأثورِ

مَلكٌ صَهيلُ الجِيادِ يُطرِبُهُ

إِطرابَ مَن بِالسَماعِ مَسرورِ

إِن لَبِسَ الدِرعَ في الكَريهَةِ وَال

بيضَةَ فَوقَ الجَبينِ ذي النورِ

تَحَيَّرَ الناسُ مِنهُ في قَمَرٍ

ما قَمَرٌ مِنهُ غَيرَ مَقمورِ

لَيثُ وَغىً ما لَهُ سِوى البيضِ وال

نُشّابِ وَالسُمرِ مِن أَظافيرِ

يَوَدُّ أَن يَبذُلَ النَوالَ لِمَن

يَقصِدُ جَدواهُ بِالقَناطيرِ

يَهتَزُّ في سَرجِهِ فَيُعجَبُ مِن

غُصنٍ نَضيرِ الأَوراقِ مَمطورِ

فَالسَيفُ في كَفِّهِ لَهُ وَمَضا

نُ البَرقِ ماضٍ عَظيمُ تَأثيرِ

وَالرُّمحُ يَسقي في الرَّوعِ ثَعلَبَهُ

طَعناتُهُ مِن دَمِ الطَّواميرِ

هَذا وَنُشّابَهُ يَطيرُ مِنَ ال

أَكبادِ في الحَربِ كَالعَصافيرِ

أَخلاقُهُ كَالرِياضِ رائِقَةٌ

مِمّا حَوَتهُ مِنَ الأَزاهيرِ

أَنتَ عِمادُ الدُنيا وَأَنتَ عِما

دُ الدينِ حَقّاً وَلَيسَ بِالزورِ

دونَكَها لا عَدِمتَ قافِيَةً

في الشِعرِ ما فَضلُها بِمَنكورِ

وُجوهُ أَبياتِها تَروقُ إِذا

ما أُنشِدَت فَهيَ كَالدَنانيرِ

كَم لَكَ يا إِسماعيلُ مِن مِنَنٍ

مَسطورَةِ الذِّكرِ في الأَساطيرِ

أَصبَحتَ بَينَ المُلوكِ أَعظَمَهُم

قَدراً وَذِكراً وَرافِعِ الطّورِ

فَجَمعُكَ السالِمُ الصَحيحُ وَمن

عاداكَ غادٍ في جَمعِ تَكسيرِ

يا مَن لِباسُ التَعظيمِ حُلَّتُهُ

يا مُلبِسَ الضِدِّ ثَوبَ تَصغيرِ

كَم مِن عَدُوٍ أَنَّثتَ عَزمَتَهُ

وَكُنتَ مُستَعلِياً بِتَذكيرِ

دُم أَبَداً في عِزٍّ تُدَبِّرُهُ

بِالعَزمِ والحَزمِ خَيرَ تَدبيرِ

ما دامَتِ الأَرضُ وَالسماءُ إِلى

أَن يَأتِيَ النَفخُ بَعدُ في الصُورِ