لحاظ المهى لا بابل تنفث السحرا

لِحاظُ المَهى لا بابِلٌ تَنفُثُ السِحرا

وَخَمرُ اللَّمى يُنسي صَريفَينِ وَالخَمرا

رَنونَ فَلَو أَلفَينَ هاروتَ نافِثاً

وَماروتَ جاءاها لِيقَتَبِسا السِحرا

وَدونَ الكَثيبِ الفَردِ مِن أَيمنِ الحِمى

ظِباءٌ لَها أُسدُ الشَرى في الهَوى أَسرى

وَسَمراءُ في فيها يَنابيعُ قَرقَفٍ

وَلَكِنَّها مِن ثَغرِها حُصِبت دُرّا

أُحلَّأُ عَنها ظامِياً غَيرَ أَنَّني

وَإِن لَم أَذُقها لَلصَريعُ بِها سُكرا

رَمَتني بِوَجدٍ ثِقلُهُ ثِقلُ رِدفِها

فَها أَنا مِنهُ ناحِلٌ أُشبِهُ الخَصرا

فَمِن رِدفِها وَالوَجهِ وَالقَدِّ سافِراً

رَأَيتُ اِرتِجاجَ الحِقفِ وَالخَوط وَالبَدرا

أَبى طَيفُها الزَوّارُ إِلّا اِزوِرارَهُ

فَهَل عَلمتهُ في الكَرى الصَدَّ وَالهَجرا

يَدوسُ أَداحِيِّ النَعامِ اِعتِسافُهُ

وَيَخطو أَفاحيصَ القَطا كُلَّما أَسرى

أَتى الشامَ مِن أَكنافِ حاجِر موهِناً

وَعادَ وَأسدافُ الدُجى تَكتُمُ الفَجرا

فَقُلتُ لَهُ أَهلاً وَسَهلاً وَمَرحَباً

بِطَيفِ حَبيبٍ طارِقٍ أَبعَدَ المَسرى

وَجابَ المَوامي البيدَ تَعزِفُ جِنُّها

وَفيها قُلوبُ الرَّكبِ طائِرَةٌ ذُعرا

فَما نِلتُ مِنهُ غَير أَن صَدَّ مُعرِضاً

فَأَسمَعتُهُ الشَكوى فَأَوسَعَني هَجرا

وَوَلّى وَأَلقى الوَجدَ بِالقَلبِ بَركَهُ

فَأَذَرَت غُروبَ الدَمعِ مُقلَتي الشَّكرى

وَأَتبَعتُهُ لَمّا تَوَلّى التِفاتَةً

وَأَنَّةَ مَصدوعِ الحشا تَصدَعُ الصَخرا

وَأَنفاسَ صَبٍّ لَو دَنا مِن زَفيرِهِ

لَظى الرُمح قَيدَ الرُمحِ أَحرَقَتِ الجَمرا

تَوَلّى وَلَمّا أَقضِ مِنهُ لُبانَةً

أَكانَ عَلَيهِ أَن يُعَذِّبَني نَذرا

أَبى الحُبُّ إِلّا أَنَّني بَعدَ عِزَّةٍ

ذَليلٌ لِمَن بِالحُبِّ يَستَعبِدُ الحَرّا

وَما عاشِقٌ مَن لَيسَ يَخضَعُ ذِلةً

لِمَعشوقِهِ إِذ يلزَمُ العِزَّ وَالكبرا

إِذا ما اِمرُؤٌ وَدَّ الغَواني صَرَمنَهُ

وَأَضرَمنَ في مَكنونِهِنَّ لَهُ الغدرا

يُرِدنَ ثَراءً دائِماً وَشبيبَةً

فَأحسِن بِقَدري عِندَهُنَّ إِذن قَدرا

هُريقَ شَبابي وَاِستُشِنَّ لِشَقوَتي

أَديمي فَلَم أَملِك شَباباً وَلا وَفرا

وَكَيفَ يَنالُ البيضَ وَالسُمرَ عاشِقٌ

يُرى مُفلِساً لا يَملِك البيضَ وَالصُفرا

تَبَيَّنَ لي خَيطٌ مِنَ الفَجرِ ناصِعٌ

إِلى جَنبِ خَيطٍ حالِكٍ وَخَط الشَعرا

نَبا بي شَبابي حينَ لَم أَرجُ عَودَةً

وَفارَقت مِنهُ الظِلَّ وَالورق الخُضرا

أَلهفي عَلى لَهوِ الشَبابِ وَعَصرِهِ

فَيا طيبَهُ لَهواً وَيا حُسنَهُ عَصرا

وَهَوَّنَ عِندي اليَأسَ مِن عَودَةِ الصِبى

رَجاءُ صَلاحِ الدينِ أَن يَهَبَ الوَفرا

لَقَد هَتَفَت يُمناهُ في الدَهرِ بِالغِنى

فَما أَحَدٌ غَيري بِهِ يَشتَكي الفَقرا

فَكَفّاهُ كَفّا نائِبات نُيوبِهِ

وَلليُمنِ يُمناهُ وَلِليُسُرِ اليُسرى

فَصيحٌ فَمَن أَهدى إِلَيهِ فَصاحَةً

يَكُن مِثلَ مَن أَهدى إِلى هَجَر التمرا

غَدَت مِثلهُ أَسيافُهُ وَرِماحُهُ

يَحُزنَ بِحَوماتِ الوَغى الفَتح وَالنَصرا

دِمَشقُ هِيَ الفِردَوسُ طيباً وَعَدلُهُ

هُوَ الشَمسُ لَم يَجعَل لَها دونَهُ سِترا

فَيا مَلِكَ الإِسلامِ أَبقَيتَ في الوَرى

لَكَ الدَهرَ ذِكراً طيباً يا لَهُ ذِكرا

لَنِلتَ الَّذي فاتَ الأَمانِيَّ شَأوُهُ

مِنَ الملكِ في دُنياكَ وَاِستَغرَقَ الفِكرا

فَجودُكَ عَمَّ العالَمينَ وَخَصَّهُم

وَلَم نَرَ جوداً قَبلَهُ مَلأَ الدَّهرا

أَبى لَكَ لَثمُ السُمرِ إِعمالَكَ السُّمرا

وَرَشفُ ثُغورِ البيضِ أَن تَملِكَ الثَغرا

وَضم الحِصان البكر رَكضَكَ في الوَغى

حِصاناً عَلَيهِ تَفتِكُ الفَتكَةَ البِكرا

وَحُبُّكَ تَطنيبَ الخِيام مُقَوِّضاً

خِيامَ العِدا بِالقَسرِ أَن تَألَفَ القَصرا

وَإيرادُكَ الراياتِ صُفراً صَوادِياً

وَإِصدارُها رَيّا تَمُجُّ دِماً حُمرا

فَخَيلُكَ تَغشى الرَّوعَ شُعثاً ضَوامِراً

شَوازِبَ قَد عَوَّدتها الفَتحَ وَالنَصرا

تَرى الحَربَ رَوضاً وَالدُروعَ بِها أَضىً

وَسُمرَ القَنا دَوحاً وَخِرصانَها زَهرا

سَنابِكُها عَزَّت بِإِذلالِكَ العِدا

فَداسَت خُدوداً كُنَّ مِن عِزِّها صُعرا

وَكَم قَلعَةٍ أَنكَحتَها السِلمَ عاصِماً

وَطَلَّقتَ مِنها بَعدَ عِصمَتِها الكُفرا

فَغَنّى بِها الإِسلامُ رافِعَ صَوتِهِ

يُغَرِّدُ وَالأَعداءُ تَنظُرُها شَزرا

وَما أَنكَحونا طائِعينَ فَتاتَهُم

وَلَكِن نَكَحناها بِأَسيافِنا قَسرا

وَجاشَت جُيوشُ الشِركِ تَطلُبُ ثَأرَها

لَدَيكَ فَكانوا الهَديَ يَنتَظِرُ النَّحرا

أَتَوكَ وَأَفواهُ المَنايا فَواغِرٌ

لِتَطعَنَهُم شَزراً وَتَضرِبَهُم هَبرا

ضَرَبتَ الشِتا في أَخدَعَيهِ مُجاهِداً

فَغادَرتَ سَهلاً مِنكَ ما لَم يَزَل وَعرا

فَجَيشُكَ ما يُثنيهِ قَيظٌ عَنِ العِدا

وَلا خافَ مِن صِنٍّ وَلا هابَ صِنبرا

صَبورٌ كَأَنَّ الصَّبرَ أَريٌ يَشورُهُ

إِذا ما رَأَت أَعداؤُكَ الصَّبِرَ الصَّبرا

قُلوبُ الأولى خَلفَ الفَرَنجَةِ كُلِّهِم

وَأَنتَ بِأَرضِ الشامِ طائِرَةٌ ذُعرا

جَزاكَ إِلَهُ الناسِ خَيرَ جَزائِهِ

وَخَوَّلَكَ الدُنيا وَأَوزَعَكَ الشُكرا

فَلا يَومَ إِلا فيهِ فَتحٌ مُجَدَّدٌ

تُريدُ بِهِ بِشراً وَتُهدي لَنا بُشرى

بِالمَلِكِ الناصِرِ زادَ نَصرا

نَقهَرُ لَزباتِ الزَمانِ قَهرا

كَفّاهُ كَفّا نابَ بَأسائِهِ

يُمناهُ يُمنٌ وَاليَسارُ اليُسرى

أَتبَعَ ذُلّاً تُبَّعاً وَقَيصَرا

قَسراً وَكِسرى بِالسُيوفِ كَسرا

وَلي صِحابٌ عَمَّني وَعَمَّهُم

بِمَكرُماتٍ ما تَزالُ تَترى

لَكِنَّني أَنقَصُ حَظّاً مِنهُمُ

فيما أَتاني مِن نَداهُ بِرّا

هَذا وَراياتِيَ في الفَضلِ غَدَت

صُفراً وَأَيدي القَومِ مِنهُ صِفرا

وَغايَةُ البُغيَةِ أَن تُجعَلَ تِل

كَ الحَسَناتُ الخَمسُ عِندي عَشرا

أَو أَن أَراها أَشبَهَت سُيوفَهُ

يَرِدنَ بيضاً وَيَعُدنَ حُمرا