نعشت قوما وكانوا قبل قد دثروا

نَعَشت قَوماً وَكانوا قَبلُ قَد دَثَروا

لَولا عُلاكَ فَطابَ الوِردُ وَالصَدرُ

أَحيَيتَ شِعرَهُمُ مِن بَعدِ ميتَتِهِ

قِدماً وَقَد شَعَروا قِدماً وَما شَعَروا

أَقسَمتُ ما رَوضَةٌ مُخضَرَّةٌ أُنُفٌ

باتَت تَسُحُّ عَلى أَقطارِها القُطُرُ

ذُبابُها هَزِجٌ نُوّارُها أَرِجٌ

نَباتُها بَهِجٌ مُستَحسَنٌ عَطِرُ

كَأَنَّ فارات مِسكٍ وَسطَها فُرِيَت

فَنَشرُها بِأَماني النَفسِ مُنتَشِرُ

شَقَّ النَسيمُ عَلى رِفقٍ شَقائِقَها

فَضُرِّجَت بِدَمٍ لَكِنَّهُ هَدَرُ

قُضبُ الزَّبَرجَدِ مِنها حُمِّلَت صَدَف ال

ياقوتِ فيها فُتَيتُ المِسكِ لا دُرَرُ

أَحداقُ نَرجِسِها تَرنو فَأَدمُعُها

فيها تَرَقرَقُ أَحياناً وَتَنحَدِرُ

وَلِلأَقاحي ثُغورُ الغِيدِ باسِمَةٌ

سيكَت بِأَسحِلَةٍ أَنيابُها الأُشُرُ

تُريكَ حُسنَ سَماءٍ وَهيَ مُصحِيَةٌ

وَالأَنجُمُ الزُهرُ فيها ذَلِكَ الزَهَرُ

تَبدو بِها طُرَرٌ مِن تَحتِها غُرَرٌ

يا حَبَّذا طُرَرُ الأَزهارِ وَالغُرَرُ

يَوماً بِأَحسَنَ مِن خَطِّ العِمادِ إِذا

أَقلامُهُ نُشِرَت عَن حبرِها الحِبَرُ

وَلا العُقودُ بِأَجيادِ العَقائِلِ كَال

دُمى فَمُنتَظِمٌ مِنها وَمُنتَثِرُ

عَلى تَرائِبِ كافور تُزَيِّنُها

حِقاقُ عاجٍ عَلَيها عاجَتِ الفِكرُ

تِلكَ اللآلي تَروقُ الناظِرينَ فَما

يَسومُها مَلَلاً مِن حُسنِها النَظَرُ

يَوماً بِأَحسَنَ مِن نَظمِ العِمادِ وَلا

مِن نَثرِهِ فَبِهِ ذا الدَهرِ يَفتَخِرُ

أَضحَت صِعابُ المَعالي عِندَهُ ذُلُلاً

تَحوي دَقائِقَها مِن لَفظِهِ الدُرَرُ

كَأَنَّما لَفظُهُ السِحرُ الحَلالُ أَو ال

ماءُ الزُلالُ النُقاخُ الطيبُ الخَصرُ

شيبَت بِهِ قَهوَةٌ حَمراء صافِيَةٌ

عصارُها غَبَرت مِن دونِهِ العُصُرُ

وَلا السَحائِبُ بِالأَنداءِ صائِبَةً

فَجودُها غَدِقُ الشُؤبوبِ مُنهَمِرُ

حَتّى إِذا اِنقَشَعَت مِن بَعدِ ما هَمَعَت

أَثنى عَلَيها نَباتُ الأَرضِ وَالشَجَرُ

يَوماً بِأَغزَرَ مِن كَفِّ العِمادِ نَدىً

فَكُلُّ أَنمُلَةٍ مِن كَفِّهِ نَهَرُ

فَللغَمائِمِ تَقطيبٌ إِذا اِنبَجَسَت

وَبِشرُهُ دونَهُ عِند النَدى القَمَرُ

ما اِبنُ العَميدِ وَلا عَبدُ الحَميدِ وَلا ال

صابي بِأَحسَنَ ذِكراً مِنهُ إِن ذُكِروا

وَلَو يُناظِرُهُ في الفِقهِ أَسعَدُ لَم

يَسعَد وَأَحصَرَهُ عَن نُطقِهِ الحَصَرُ

هَذا وَمحتدُهُ ما إِن يُساجِلُهُ

خَلقٌ إِذا القَومُ في نادي العُلى اِفتَخَروا

أَصِخ مُحَمَّدُ إِنّي جِدُّ مُعتَذِرٍ

إِنَّ المُقَصِّرَ فيما قالَ يَعتَذِرُ

يا اِبنَ الكِرامِ الأُلى سارَت مَكارِمُهُم

حَتّى تَعَجَّبَ مِنها البَدوُ وَالحَضَرُ

رَاووقُ حِلمكَ فيما أَنتَ تَسمَعُهُ

يُبدي الجَميلَ وَفيهِ العَيبُ يَستَتِرُ