هب نسيم بالطل مبلول

هَبَّ نَسيمٌ بِالطَلِّ مَبلولُ

مِنهُ نِظامُ الرِياضِ مَحلولُ

مَرَّ بِرَيحانِها تَنَفُّسُهُ

بَينَ البَساتينِ وَهوَ مَطلولُ

يَنتَشِرُ التِبرُ وَاللُجَينُ مَعاً

بِمرِّهِ وَالياقوتُ وَاللولو

وَالدَّوحُ فيهِ الغُصونُ مائِلَةٌ

فَكُلُّهُ فاعِلٌ وَمَفعولُ

وَالنَرجِسُ الغَضُّ طَرفُهُ غَنِجٌ

بِصُفرَةِ الزَّعفَرانِ مَكحولُ

وَقَد تَبَدّى شَخصُ البَنَفسَجِ في

بُردٍ يَمانٍ وَالبُردُ مَعسولُ

وَفي أَكُفِّ المَنثورِ مُنتَظِماً

مِن كُلِّ لَونٍ يَروقُ مَعمولُ

وَالطَيرُ فَوقَ الغُصونِ صادِحَةً

كَأَنَّها نِسمَةٌ مَثاكيلُ

وَالنَبتُ مِنهُ عَلى الثَّرى نُشِرَت

مِن كُلِّ زَهرٍ زاهٍ مَناديلُ

وَالصُّبحُ رومِيُّهُ أَغارَ عَلى

زِنجِيِّ لَيلٍ وَالسَّيفُ مَسلولُ

عَلى ظُبى السَّيفِ حُمرَةٌ شَهِدَت

يا صاحِ أَنَّ الزِنجِيَّ مَقتولُ

أَدرَكَهُ وَهوَ راكِبٌ سَحَراً

طِرفاً لَهُ غُرَّةٌ وَتَحجيلُ

فَمَكَّنَ السَيفَ مِن مَفارِقِهِ

فَهوَ قَتيلٌ لَم يُبكَ مَطلولُ

فَهاتِ كَأسَ المُدامِ مُترَعَةً

كَأَنَّها في الظَلامِ قِنديلُ

حَبابُها لِلهُمومِ إِن طَرَقَت

من عَبَّ فيها طَيرٌ أَبابيلُ

رامِيَةً في هامِ الهُمومِ سُطاً

حِجارَةً أَصلُهُنَّ سِجّيلُ

فَهُنَّ صَرعى مِنَ المُدامِ وَقَد

شُبِّهنَ بِالعَصفِ وَهوَ مَأكولُ

راحٌ تَوَلّى السُرورُ شارِبَها

فَاِنصَرَفَ الهَمُّ وَهوَ مَعزولُ