هلموا اسمعوا أحجية أبت النقصا

هلُمّوا اِسمَعوا أُحجِيَّةً أَبَتِ النَّقصا

فَقَد لَطُفَت مَعنىً كَما حَسُنَت شَخصا

وَهَيفاءَ شَمطاءَ الفُروعِ رُضابُها

شفاءً كَنَصلِ السَيفِ لا يَسأَمُ الرَّقصا

كَأَنَّ لَها عِندَ الثُرَيّا وَديعَةً

فَقَد حَرَصَت في أَن تَناوَلَها حِرصَا

إِلى قُرصِها جَرَّت يَدُ الشَمسِ نارَها

لِتَحمي بِهِ مِن بَردِ أَمواهِها القُرصا

وَتَحسَبُ ما في الأَرضِ مِن شِيَةٍ بَدَت

عَلى الخَدِّ مِنهُ عَضَّها فيهِ وَالقَرصا

إِلى الأُفقِ الأَعلى تَعالَت مُنيفَةً

فَنَحنُ نَرى الجَوزاءَ في أُذنِها خُرصا

وَقَد ضَجَّ بَطنُ الأَرضِ مِن ثِقلِ وَطئِها

كَما أَنَّ أَعلاها بِهِ الجَوُّ قَد غَصّا

وَتَنثُرُ دُرّاً مِن لُجَينٍ عَلى صَفاً

لِكَثرَتِهِ ما إِن يُعَدُّ وَلا يُحصى

وَمِن حَولِها تَنمي فُروعٌ مُنيفَةٌ

بِجُرثومَةٍ أَضحَت لِخاتَمِها فَصّا

وَقَد سَجَدَت في الأَرضِ خاضِعَةً لَها

ثَلاثُ المَيازيبِ الَّتي نَفَتِ النَقصا

بِها جادَ مَن أَسرى بِلَيلٍ بِعَبدِهِ

مِنَ المَسجِدِ الأَعلى إِلى المَسجِدِ الأَقصى

عَلى يَدِ عَبدِ اللَهِ وَالصاحِبِ الَّذي

بِإِحسانِهِ كَم عَمَّ قَوماً وَكَم خَصّا

عَلى ماءِ فَوّاراتِ جَيرونَ جودُهُ

فَعافيهِ قَبضاً يَأخُذُ المالَ لا قَبصا

بِهِ الجامِعُ المَعمورُ رَفرَفَ نَسرُهُ

بِريشٍ أَثيثِ النَبتِ مِن بَعدِ ما حَصّا

وَأَفعَمَ بِالتَرخيمِ في الأَرضِ صَحنَهُ

وَكانَ بِهِ الآجر قَد عانَقَ الجَصّا

وَلَمّا عَرى جُدرانَهُ العُريُ فَاِكتَسَت

قُشَعريرَةً أَوصى بِأَن يُلبَسَ الفَصّا

فَدامَت لِأَيّامِ الوَزيرِ سُعودُها

فَفيها رَأَينا العَدلَ وَالأَمنَ وَالرُخصا

وَلا زالَ في كُلِّ الأُمورِ مُوَفَّقاً

فَلا رَأيُهُ يُقصى وَلا أَمرُهُ يُعصى