أبى الله إلا أن يسوء بك العدى

أَبى اللَهُ إِلّا أَن يَسوءَ بِكَ العِدى

وَيُصبِحَ مُستَثنى البَقاءِ عَلى الرَدى

وَما كانَ هَذا الدَهرُ يَوماً بِنازِعٍ

نِجادَ حُسامٍ مِثلَهُ ما تَقَلَّدا

لَعا وَلَعا لا عَثرَ مِن بَعدِ هَذِهِ

تَلَقّى العُلى وَاِستَأنَفَ العِزَّ أَغيدا

خَفيتَ خَفاءَ البَدرِ يُزجى ظُهورُهُ

وما غابَ بَدرُ اللَيلِ إِلّا لِيُشهَدا

غُروبُ الدَراري ضامِنٌ لِطُلوعِها

فَيا فَرقَداً باقٍ عَلى اللَيلِ فَرقَدا

مَعاذاً لَهَذا البَحرِ مِمّا يُغيضُهُ

مَعاذاً لِشَملِ المَجدِ أَن يَتَبَدَّدا

سَلِمتَ لَنا وَاللَهُ أَرأَفُ بِالعُلى

مِنَ اَن يَنطَوي عَنّا وَأَرحَمُ لِلنَدى

فَقُل لِلعِدى شَمّوا الهَوانَ بِأَجدَعٍ

وَعَضّوا عَلى الأَيدي القِصارِ بِأَدرَدا

أَفيقوا لَها مِن سَكرَةِ الغَيِّ وَاِبتَغوا

زِماماً إِلى ما تَكرَهونَ وَمِقوَدا

حَسِبتُم بِأَنَّ المُلكَ هَيضَت جُبورُه

وَأَنَّ سَوامَ المَجدِ أَصبَحنَ شُرَّدا

لَها اليَومَ راعٍ لا يُراعُ سَوامُهُ

أَذَلَّ لَها نَهجَ الطَريقِ وَعَبَّدا

إِذا طَمِعَ الأَعداءُ فيها أَجارَها

وَأَرتَعَها بَينَ العَوالي وَأَورَدا

وَإِنَّ قِوامَ الدينِ قَد عَبَّ بَحرُهُ

وَعيداً أَقامَ الخالِعينَ وَأَقعَدا

تَقوهُ فَبَينا تَنظُرُ البَحرَ ساكِناً

إِلى أَن تَراهُ شائِلَ اللُجِّ مُزبِدا

أَأَطمَعَكُم أَنَّ الحُسامَ قَضى المُنى

وَلَم يَبقَ عِندَ الدَهرِ ثَأراً فَأَغمَدا

وَإِنّي ضَمينٌ إِن تَجَرَّدَ مازِقٌ

لَغاوٍ مِنَ الأَيّامِ أَن يَتَجَرَّدا

أَما يُرهَبُ القَطّاعُ إِلّا مُجَرَّدا

أَما يُتَّقى العَسّالُ إِلّا مُسَدَّدا

لِيَهنِ اللَيالي وَالمَعالِيَ أَنَّها

إِثابَةُ بُرءٍ عَدَّها المَجدُ مَولِدا

عَلى حينَ طارَت بِالقُلوبِ مَخافَةً

أُطيرَ فَريصُ المُلكِ مِنها وَأَرعِدا

وَأَصبَحَتِ الآمالُ غَرثى ظَميَّةً

يُواعِدنَ مِن نُعماكَ مَرعى وَمَورِدا

فَلَو يَستَطيعُ الدَهرُ مِن بَعدِ هَذِهِ

لَأَلبَسَكَ اليَومَ التَميمَ المُعَقَّدا

بِأَيِّ مَنالٍ أَم بِأَيَّةِ أَذرُعٍ

تَعاطَيتُمُ اليَومَ البِناءَ العَطوَّدا

بِناءٌ أَقامَ المَجدَ فيهِ عِمادَهُ

وَقَرَّرَهُ تَحتَ العَوالي وَوَطَّدا

كَدَأبِكُمُ مِنهُ غَداةَ حَداكُمُ

تُشاغِلُهُ الأَذانُ عَن طَرَبِ الحُدا

وَكَبِّكُم كَبَّ الحَجيجِ هَدِيَّهُ

يُحَثحِثُها نَخَسُ النِصالِ إِلى المَدى

كَأَيّامِ حَنوَي دارَزينَ وَأَربِقٍ

مَواقِفُ أَخبى الطَعنُ فيها وَأَوقَدا

أُطيلُ اِختِراطَ البيضِ فيها فَلو خَفا

بِها لَمَعانُ البَرقِ ظُنَّ المُهَنَّدا

وَتَخفى بِها الأَمطارُ مِن طولِ ما جَرى

عَليها نَجيعُ الطَعنِ وَالضَربِ سَرمَدا

شُلِلتُم بِها شَلَّ الطَرائِدِ بِالقَنا

تَبَرَّأَ مَن وَلّى وَضَلَّ الَّذي هَدى

وَما زادَكُم مِنهُنَّ غَيرُ جَوائِفٍ

هَوادِرَ يَردُدنَ المَسابِرَ وَاليَدا

دَعوا لَقَمَ العَلياءِ لِلمُهتَدي بِهِ

وَخَلّوا طَريقاً غارَ فيهِ وَأَنجَدا

لِأَطوَلِكُم طَولاً إِذا المُزنُ أَصبَحَت

غَوارِزَ لا يُعدَمنَ خَلفاً مُجَدَّدا

نَهَيتُكُمُ عَن ذي هُماهِمَ مُشبَلٍ

حِمى بِجُنوبِ السَيءِ ضالاً وَغَرقَدا

فَضافِضَ غيلٍ في الدِماءِ عَيِيَّةً

كَأَنَّ عَلى لَيتَيهِ سِبّاً مُوَرِّدا

يُفَرِّقُ بَينَ الجَحفَلينِ زَئيرُهُ

كَما أَطَّ نَجدِيُّ الغَمامِ وَأَرعَدا

يَجُرُّ سَآبيَّ الدِماءِ وَراءَهُ

مَجَرَّ الخَليعِ الشَرعَبيَّ المُعَضَّدا

وَحَذَّرتُكُم مُغلَولِباً ذا غُطامِطٍ

إِذا كَبَّ بوصِيَّ السَفينِ وَأَزبَدا

لَهُ زَجَلٌ كَالفَحلِ يَقرَعُ شَولَهُ

أَلَظَّ بِقَرقارِ الهَديرِ وَرَدَّدا

إِلا أُخرِس الغاوي وَلا فاهَ قائِلٌ

بِأَمثالِها ما بَلَّلَ القَطرُ جَلمَدا

وَلا وَجَدَ الراجونَ أُفقَكَ مُظلِماً

وَزَندُ النَدى يَوماً بِكَفِّكَ مُصلِدا

وَلا سَمِعَ الأَعداءُ إِلّا بِأَصلَمٍ

وَلا نَظَرَ الحُسّادُ إِلّا بِأَرمَدا

فَليسَ المُنى ما عِشتَ قالَصَةَ الجَنى

عَلينا وَلا النُعمى بِناقِصَةِ الجَدّا

بَقيتَ بَقاءَ القَولِ فيكَ فَإِنَّهُ

إِذا بَلَغَ الباقي المَدى جاوَزَ المَدى

وَلا بَعُدَ المَأمولُ مِن أَن تَنالَهُ

فَإِن فاتَ في ذا اليَومِ أَدرَكتَهُ غَدا

وَمُلّيتَ حَتّى تَسأَمَ العَيشَ مَلَّةً

فَلو خُلِّدَ الأَقوامُ كُنتَ المُخَلَّدا