أشكو إليك مدامعا تكف

أَشكو إِلَيكَ مَدامِعاً تَكِفُ

بَعدَ النَوى وَجَوانِحاً تَجِفُ

وَحَشاً إِذا ذُكِرَ الفِراقُ هَفا

في جانِبَيهِ الشَوقُ وَالأَسَفُ

فُجِعَت بِعِلقِ مَضَنَّةٍ يَدُهُ

فَأَقامَ لا عِوَضٌ وَلا خَلَفُ

كَالناشِطِ اِمتَنَعَت مَوارِدُهُ

وَنَأَت عَلَيهِ الرَوضَةُ الأُنُفُ

أُنسٌ تَناقَصَ مَع تَكامُلِهِ

لا بَدعَ إِنَّ البَدرَ يَنكَسِفُ

لا يُبعِدِ اللَهُ الَّذينَ نَأَوا

وَقَفوا الغَرامَ بِنا وَما وَقَفوا

أَيَّ القُوى قَطَعوا وَأَيَّ دَمٍ

سَفَكوا وَأَيَّ جِراحَةٍ قَرَفوا

لَم أَنسَ مَوقِفَنا وَوَقفَتَهُم

بَعدَ النَوى وَدُموعُنا تَكِفُ

مُتَساكِتينَ مِنَ الوُجومِ وَقَد

نَطَقَت عَلَينا الأَدمُعُ الذُرُفُ

يا راكِبَ الكَوماءِ غارِبُها

كَالطَودِ أَوفى فَوقَهُ الشَعَفُ

يَطَأُ الظَلامَ عَلى مَفارِقِهِ

وَاللَيلُ في أَجفانِهِ وَطَفُ

ذَرَعَ الدُجى وَطَوى خَميصَتَهُ

وَلَها عَلى قِمَمِ الرُبى كُفَفُ

حَتّى نَضا الإِظلامُ صَبغَتَهُ

وَطَواهُ جَونُ اللَيلِ مُنكَشِفُ

ماضٍ إِذا أَهوى بِهِ كَنَفٌ

مِن جِنحِ لَيلٍ ضَمَّهُ كَنَفُ

أَبلِغ فَتى حَمدٍ مُذَكَّرَةً

تَنقَدُّ مِنها البيضُ وَالزَغَفُ

نَفَثاتُ مَكروبٍ أَلَظَّ بِهِ

حَرُّ الجَوى وَعَلا بِهِ الكَلَفُ

ما كانَ أَسرَعَ ما نَبا زَمَنٌ

وَتَكَدَّرَت مِن وُدِّنا نُطَفُ

حَبلٌ غَدا بِأَكُفِّنا طَرَفٌ

مِنهُ وَفي أَيدي النَوى طَرَفُ

هَل حُسنُ ذاكَ الدَهرِ مُرتَجَعٌ

أَم طيبُ ذاكَ العَيشِ مُؤتَنَفُ

أَم هَل يُباحُ الوِردُ ثانِيَةً

وَيَلَذُّ بَردَ الماءِ مُرتَشِفُ

لَهفي عَلى ذاكَ الزَمانِ وَهَل

يَثني زَماناً ماضِياً لَهَفُ

اِنبَتَّ بَعدَكَ حَبلُنا وَحَدَت

كُلّاً لِطيَّتِهِ نَوىً قُذُفُ

وَاِنفَكَّ سِلكُ نِظامِنا بَدَداً

وَلَقَد غَنينا وَهوَ مُؤتَلِفُ

وَتَجَنَّبَ البَتّيُّ جانِبَنا

وَنَبا فَلا وُدٌّ وَلا شَعَفُ

وَقَلى مَجالِسَنا وَمالَ بِهِ

عِطفٌ إِلى البَغضاءِ مُنعَطِفُ

وَأُزيحَ ذاكَ الأُنسُ أَجمَعُهُ

وَأُميطَ ذاكَ البِرُّ وَاللَطَفُ

جَعَلَ الوَصيَّةَ تَحتَ أَخمَصِهِ

وَأَتى الإِساءَةَ وَهوَ مُعتَرِفُ

إِنّا نَذُمُّ إِلَيكَ خُلَّتَهُ

فَهوَ المَلولُ الغادِرُ الطَرِفُ

فَلَعَلَّنا وَلَعَلَّ مُطمِعَةً

يَوماً بِقُربِكَ مِنهُ نَنتَصِفُ

فَسَقى لَيالِيَنا الَّتي سَلَفَت

فَرطٌ مِنَ الأَنواءِ أَو سَلَفُ

يُحدى بِسَوطِ الريحِ تَحفِزُهُ

هَفّافَةٌ في سَوقِها عَنَفُ

نَتَجَ الصَباحُ عِشارَهُ سَبَلاً

جَوداً وَأَلقَحَ شَولَهُ السَدَفُ

نَدعوكَ حينَ الشَملُ مُنشَعِبٌ

فَتَلافَنا وَالرَأيُ مُختَلِفُ

إِن لَم تَقُم تِلكَ الغُصونُ غَداً

مِنهُنَّ مُنآدٌ وَمُنقَصِفُ

لا تَحسَبَن قَولي مُماذَقَةً

وَجدي بِبُعدِكَ فَوقَ ما أَصِفُ