أمن شوق تعانقني الأماني

أَمِن شَوقٍ تُعانِقُني الأَماني

وَعَن وُدٍّ يُخادِعُني زَماني

وَما أَهوى مُصافَحَةَ الغَواني

إِذا اِشتَغَلَت بَناني بِالعِنانِ

عَدِمتُ الدَهرَ كَيفَ يَصونُ وَجهاً

يُعَرَّضُ لِلضَرابِ وَلِلطَعانِ

وَأَسفَعَ لَثَّمَتهُ الشَمسُ نَدبٌ

أَبَينا أَن يُلَقَّبَ بِالهِجانِ

وَكَم مُتَضَرِّمِ الوَجَناتِ حُسناً

إِذا جَرَّبتَهُ نابي الجَنانِ

تُعَرِّفُني بِأَنفُسِها اللَيالي

وَآنَفُ أَن أُعَرِّفَها مَكاني

أَنا اِبنُ مُفَرِّجِ الغَمَراتِ سوداً

تَلاقى تَحتَها حَلَقُ البِطانِ

وَجَدّي خابِطُ البَيداءِ حَتّى

تَبَدّى الماءُ مِن ثَغبِ الرِعانِ

قَضى وَجِيادُهُ حَولَ العَوالي

وَوَفدُ ضُيوفِهِ حَولَ الجِفانِ

تُكَفِّنُهُ ظُبى البيضِ المَواضي

وَيَفصِلُهُ دَمُ السُمرِاللَدانِ

نَشَرتُ عَلى الزَمانِ وِشاحَ عِزٍّ

تَرَنَّحُ دونَهُ المُقَلُ الرَواني

خَفيري في الظَلامِ أَقَبُّ نَهدٌ

يُساعِدُني عَلى ذَمِّ الزَمانِ

جَوادٌ تُرعَدُ الأَبصارُ فيهِ

إِذا هَزَأَت بِرِجلَيهِ اليَدانِ

كَأَنّي مِنهُ في جاري غَديرِ

أُلاعِبُ مِن عِناني غُصنَ بانِ

حَيِيُّ الطَرفِ إِلّا مِن مَكَرٍّ

يُبَيَّنُ مِن خَلائِقِهِ الحِسانِ

إِذا اِستَطلَعتَهُ مِن سِجفِ بَيتٍ

ظَنَنتَ بِأَنَّهُ بَعضُ الغَواني

سَأُطلِعُ مِن ثَنايا الدَهرِ عَزماً

يَسيلُ بِهِمَّةِ الحَربِ العَوانِ

وَلا أَنسى المَسيرَ إِلى المَعالي

وَلَو نَسِيَتهُ أَخفافُ الحَواني

وَأَلطافُ السَحابِ لِكُلِّ دارٍ

صَحِبنا رَبعَها خَضِلَ المَغاني

وَكُنّا لا يُرَوِّعُنا زَمانٌ

بِما يُعدي البِعادَ عَلى التَداني

وَنَأنَفُ أَن تُشَبِّهَنا اللَيالي

بِشَمسٍ أَو سَنا قَمَرٍ هِجانِ

فَها أَنا وَالحَبيبُ نَوَدُّ أَنّا

تَدانَينا وَنَحنُ الفَرقَدانِ

وَليلٍ أَدهَمٍ قَلِقِ النَواصي

جَعَلتُ بَياضَ غُرَّتِهِ سِناني

وَصُبحٍ تُطلَقُ الآجالُ فيهِ

وَناظِرُ شَمسِهِ في النَقعِ عاني

عَقَدتُ ذَوائِبَ الأَبطالِ مِنهُ

بِأَطرافِ المُثَقَّفَةِ الدَواني

وَشُعثٍ فَلَّهُم طَلَبُ المَعالي

وَفَلّوا كُلَّ مُنجَردٍ حِصانِ

أَقولُ لَهُم ثِقوا بِاللَهِ فيها

فَفَضلُ يَدِ المُعينِ عَلى المُعانِ

وَلا تَتَعَرَّضوا بِالعِزِّ إِنّي

رَأَيتُ العِزَّ خَوّارَ العِنانِ

فَما رَكِبَ العُلى إِلّا عَلِيٌّ

وَمَسَّحَ عِطفَها بَعدَ الحِرانِ

سَعى وَالشَمسُ تَرقى في أَناةٍ

فَجازَ وَسَيرُها في الجَوِّ وانِ

رَموا مِنكَ المَدى وَالخَيلُ شُعثٌ

بِمَصقولِ العَوارِضِ وَاللَبانِ

يَدٌ لَم تَخلُ مِن قَصَبِ العَوالي

تُزَعزِعُهُنَّ أَو قَصَبِ الرِهانِ

تَرَكتَ لَهُم عُيونَ الطَعنِ تَدمى

بِمُنخَرِطٍ مِنَ التامورِ قانِ

وَقَد نَصَلَ الدُجى عَن صَدرِ يَومٍ

مِنَ الخِرصانِ مَخضوبِ البَنانِ

وَأَجسادٍ تُشاطِرُها المَنايا

نُفوساً في ضِرابٍ أَو طِعانِ

هُوَ الغَمرُ الرِداءِ لِعَزمَتَيهِ

بِكُلِّ دِفاعِ نائِبَةٍ يَدانِ

وَما نَهَضَ اِمرُؤٌ بِالحَزمِ إِلّا

وَصادَفَ حِلمَهُ مُلقى الجِرانِ

يَضُمُّ الخائِفَ الظَمآنَ مِنهُ

حِمىً يَفتَرُّ مِن بَردِ الأَماني

وَتَضحَكُ نارُهُ وَضَحاً إِذا ما

رَغَت نارُ القَبائِلِ بِالدُخانِ

وَيَومٍ مِثلِ شِدقِ اللَيثِ جَهمٍ

يَفُلُّ عَنِ الجِدالِ ظُبى اللِسانِ

سَدَدتَ فُروجَهُ بِالقَولِ حَتّى

مَدَدتَ مُشَيِّعاً باعَ البَنانِ

وَغَيرُكَ مَن تُرَوِّعُهُ المَعالي

وَتَخدَعُهُ أَغانيُّ القِيانِ

إِذا ذُكِرَ الصَوارِمُ وَالعَوالي

تَعَوَّذَ بِالمَثالِثِ وَالمَثاني

وَإِن طَلَبَ الذُحولَ تَهَضَّمَتهُ

وَباعَ دَمَ الفَوارِسِ بِاللِبانِ

أَبا سَعدٍ دُعاءٌ لَو تَراخَت

أَوائِلُهُ لَعاقَبَها لِساني

ظَفِرتَ بِما اِشتَهَيتَ مِنَ اللَيالي

وَأُعطيتَ المُرادَ مِنَ الأَماني

لِكَفِّكَ فَوزَةُ القِدحِ المُعَلّى

وَمِنها صَولَةُ العَضبِ اليَماني

وَلَمّا خُرِّقَ الإِظلامُ جُبناً

خَلَعتَ عَليهِ ثَوبَ المِهرَجانِ

إِذا طُرِدَت رِماحُ اللَهوِ فيهِ

أَرَقنَ عَلى الكُؤوسِ دَمَ القِنانِ

وَشَربٍ قَد نَحَرتَ لَهُم عُقاراً

كَحاشِيَةِ الرِداءِ الأُرجُواني

كَأَنَّ الشَمسَ مالَ بِها غُروبٌ

فَأَهوَت في حَيازيمِ الدِنانِ

فَصِل بِدَمِ العُقارِ دَمَ الأَعادي

وَأَصواتَ العَوالي بِالأَغاني

فَيَومٌ أَنتَ غُرَّتُهُ جَوادٌ

يَبُذُّ بِشَأوِهِ طَلقَ القِرانِ

جَعَلتُ هَدِيَّتي فيهِ نِظاماً

صَقيلاً مِثلَ قادِمَةِ السِنانِ

بِلَفظٍ فاسِقِ اللَحَظاتِ تُنمى

مَحاسِنُهُ إِلى مَعنىً حَصانِ

وَصَلتُ جَواهِرَ الأَلفاظِ فيهِ

بِأَعراضِ المَقاصِدِ وَالمَعاني

فَجاءَت غَضَّةَ الأَطرافِ بِكراً

تَخَيَّرَ جيدُها نَظمَ الجُمانِ

كَأَنَّ أَبا عُبادَةَ شَقَّ فاها

وَقَبَّلَ ثَغرَها الحَسَنُ بنُ هاني