أيا جبلي نجد أبينا سقيتما

أَيا جَبَلَي نَجدٍ أَبينا سُقيتُما

مَتى زالَتِ الأَظعانُ يا جَبَلانِ

أُناديكُما شَوقاً وَأَعلَمُ أَنَّهُ

وَإِن طالَ رَجعُ القَولِ لا تَعِيانِ

أَقولُ وَقَد مَدَّ الظَلامُ رِواقَهُ

وَأَلقى عَلى هامِ الرُبى بِجِرانِ

نَشَدتُكُما أَن تَضُماني ساعَةً

لَعَلّي أَرى النارَ الَّتي تَرَيانِ

وَأَلقى عَلى بُعدٍ مِنَ الدارِ نَفحَةً

تَذُمُّ عَلى عَيني مِنَ الهَمَلانِ

قِفا صاحِبَيَّ اليَومَ أَسأَلُ ساعَةُ

وَلا تُرجِعا سَمعِ بِغَيرِ بَيانِ

هَلِ الرَبعُ بَعدَ الظاعِنينَ كَعَهدِهِ

وَهَل راجِعٌ فيهِ عَلَيَّ زَماني

وَهَل مَسَّ زاكَ الشيحَ عِرنَينُ ناشِقِ

وَهَل ذاقَ ماءً بِاللَوى شَفَتانِ

لَقَد غَدَرَ الأَظعانُ يَومَ سَويقَةٍ

وَيَدمى لِذِكرِ الغادِرينَ بَناني

وَلا عَجَبٌ قَلبي كَما هُنَّ غادِرٌ

عَلى بَعدَ أَنَّ أَضلاعي عَلَيهِ حَواني

لَكَ اللَهُ هَل بَعدَ الصُدودِ تَعَطُّفٌ

وَهَل بَعدَ رَيعانِ البِعادِ تَداني

وَما غَرَضي أَنّي أَسومُكَ خُطَّةً

كَفاني قَليلٌ مِن رِضاكَ كَفاني

وَعاذِلَةٍ قُرطٌ لَأُذنِيَ عَذلُها

تَلومُ وَما لي بِالسُلُوِّ يَدانِ

أَعاذَلَتي لَو أَنَّ قَلبَكِ كانَ لي

سَلَوتُ وَلَكِن غَيرُ قَلبِكِ عاني

أَلا لَيتَ لي مِن ماءِ يَبرينَ شَربَةً

أَلَذَّ لِقَلبي مِن غَريضِ لِبانِ

أُداوي بِها قَلباً عَلى النَأيِ لَم تَدَع

بِهِ فَتَكاتُ الشَوقِ غَيرَ حَنانِ

وَلَولا الجَوى لَم أَبغِ إِلّا مُدامَةً

بِطَعنِ القَنا إِبريقُها الوَدَجانِ

إِذا سَكِرَ العَسالُ مِن قَطَراتِها

سَقَيتُ حُمَيّاها أَغَرُّ يَماني

وَلي أَمَلٌ لا بُدَّ أَحمِلُ عِبئَهُ

عَلى الجُردِ مِن خَيفانَةٍ وَحِصانِ

وَكُلُّ رَعودِ الشَفرَتَينِ كَأَنَّهُ

سَنى البَرقِ إِمّا جَدَّ في اللَمَعانِ

وَأَسمَرَ هَزهازِ الكُعوبِ كَأَنَّهُ

قَرا الذِئبِ مَجبولٌ عَلى العَسَلانِ

فَإِن أَنا لَم أَركَب عَظيماً فَلا مَضى

حُسامي وَلا رَوّى الطِعانَ سِناني