إلى أين مرمى قصدها وسراها

إِلى أَينَ مَرمى قَصدِها وَسُراها

رَمى اللَهُ مِن أَخفافِها بِوَجاها

هُوَ اليَأسُ فَليُحبَس هِبابُ رِقابِها

كَما كانَ مَغرورُ الرَجاءِ حَداها

رَأَت لا مِعاً فَاِستَشرَقَت لَمَضائِهِ

وَلَو كانَ مِن مُزنِ النَدى لَشَفاها

تَدافَعَها الحَيُّ اللَئيمُ عَمايَةً

وَأَعرَضَ طَوعَ اللُؤمِ وَهوَ يَراها

فَماطَلَ أَصحابُ الحِياضِ وُرودَها

وَأَعتَمَ أَربابُ المَبيتِ قِراها

تُلَطِّمُها الأَيدي القِصارُ عَنِ الرُقى

وَخَيرٌ مِنَ الرَيِّ الذَليلِ صَداها

تَرى كُلَّ مَيلاءِ السَنامِ كَأَنَّما

مِنَ الطَودِ إِلّا زَجوَها وَخُطاها

مُناقِلَةً تَنجو بِزَجرَةِ غَيرِها

وَتَرهَبُ سَوطَ المَرءِ راعَ سِواها

تَكادُ مِنَ الإِسراعِ تَسبُقُ أُمَّها

بِمَنتَجِها قَبلَ اللِقاحِ أَباها

تَعودُ وَلَم تَشرَع بِحَوضِ اِبنِ حُرَّةٍ

وَلا عَرِيَت عِندَ الكِرامِ ذُراها

رَأَينَ دِياراً بَينَ بُصرى وَجاسِمٍ

مَراعي لِيَومٍ لا تَلُسُّ خَلاها

نُفوسُ لِئامٍ لا تُحَلُّ عُقودُها

وَأَيدي جُمودٍ لا يَنُضُّ صَفاها

أَلا لا تَلوموا ظاعِناً قَذَفَت بِهِ

بَناتُ السُرى عَن أَرضِكُم وَنَواها

رَعَت ذُروَةً فيكُم ضُحىً جاشِرِيَّةٌ

فَأَجشَرتُ في أَوطانِكُم وَأَعاها

تَحَمَّلَ عَنها شَرُّ دارِ إِقامَةٍ

إِذا قيلَ أَيَّ الأَرضِ قالَ خَلاها

فَكَم موحَشاتٍ بِالرِفاقِ أَزاحَها

وَلِمَّةِ لَيلٍ بِالمَطِيِّ فَلاها

كَأَنَّ حِماكُم خِطَّةُ الخَسفِ لِلفَتى

إِذا سيمَها الحُرُّ الكَريمُ أَباها

وَلَو بِاِبنِ لَيلى كانَ مَلقى رِحالِها

لَطَرَّقَ مِن حُرِّ النُضارِ ثَراها

تَبايَنتَها فِعلاً فَكَم مِن عَظيمَةٍ

أَتيتَ بِها مَرحولَةً وَكَفاها

حَماكَ مُلِمّاً مُنتَضىً لَكَ حَدُّهُ

وَداهِيَةً تَشحو لِضِغنِكَ فاها

غَداةَ أَغامَت بِالعَجاجِ سَماؤُها

وَدارَت عَلى قُطبِ الطِعانِ رَحاها

إِذا السَيلُ والى في الرِكاءِ سِجالَهُ

وَأَنبَطَ أَنقَوتَ النَدى وَأَماها

أَرى شَجَراً طالَت وَقَصَّرَ ظِلُّها

فَلا أَورَقَت يَوماً وَطالَ ذَواها

وَلَو جَمَعَت لَونَينِ بُذلُ شِباكِها

لَطالَبَها الراجي بِمَنعِ جَناها

أَضَرّاً وَلُؤماً لا أَباً لِأَبيكُمُ

سَفاهاً لِرَأيِ العاجِزينَ سَفاها

نَلومُ أَكُفُّ المُحسِنينَ إِذا جَنَت

فَكيفَ بِأَيدٍ لا يُنالُ جَداها

ضَلالاً لِراجي نَشطَةٍ مِن رَبيعِكُم

رَمى الداءَ في أَكلائِكُم فَحَماها

وَعَينٍ رَجَتكُم أَن تَكونوا جَلاءَها

فَكُنتُم عَلى عَكسِ الرَجاءِ قَذاها

طَلَبتُم ثَنائي ثُمَّ عِفتُم سَماعَهُ

كَمَن خَطَبَ العَذراءَ ثُمَّ قَلاها

وَما كُلُّ جيدٍ مَوضِعٌ لِقَلائِدي

وَلا قَمِنٌ مِن صَوغِها وَحُلاها

فَلا تَغرُرَن عَينَيكَ يا خابِطَ الدُجى

قِبابٌ بَناها اللُؤمُ حَيثُ بَناها

وَدارُ لِئامٍ إِن رَأى الرَكبُ سَمتَها

تَحايَدَ عَنها عامِداً وَطَواها

مَساوٍ كَنيرانِ البِقاعِ مُضيئَةً

وَنارُ ظَلامٍ لا يُضيءُ سَناها

أَلا غَنِّياني بِالدِيارِ فَإِنَّني

أُحِبُّ زَروداً ما أَقامَ ثَراها

وَبَينَ النَقا وَالأَنعُمَينِ مَحَلَّةٌ

حَبيبٌ لِقَلبي قاعُها وَرُباها

وَنَعمانُ ياسُقيا لِنَعمانَ ما جَرَت

عَليهِ النَعامى بَعدَنا وَصَباها

وَلِلقَلبِ عِندَ المَأزَمَينِ وَجَمعِها

دُيونٌ وَمَقضى خَيفِها وَمِناها

وَظَبيٍ بِأَطوارِ الجِمارِ إِذا غَدا

رَمى كَبِداً مَقروحَةً وَرَماها

وَغَيداءَ لَم تَصحَب سِوى الشَمسِ أُختِها

وَلا جاوَرَت إِلّا الغَزالَ أَخاها

وَخُلَّةِ فُرسانٍ عُيونُ ظِبائِها

أَمَضُّ جِراحاً مِن طِعانِ قَناها

هِيَ الدارُ لا دارٌ بِأَكنافِ بابِلٍ

جَديرٌ بِضَيمِ النازِلينَ حِماها

مَنازِلُ مَمنونٌ عَلى الرَكبِ زادُها

نَزورٌ عَلى كَدِّ المِطالِ جَداها

فَلا سُقِيَت إِلّا الصَوارِمَ وَالقَنا

وَلا صابَ إِلّا بِالدِماءِ حَياها