تزود من الماء النقاخ فلن ترى

تَزَوَّد مِنَ الماءِ النُقاخِ فَلَن تَرى

بَوادي الغَضا ماءً نُقاخاً وَلا بَردا

وَنَل مِن نَسيمِ الرَندِ وَالبانِ نَفحَةً

فَهَيهاتَ وادٍ يُنبِتُ البانَ وَالرَندا

وَعُج بِالحِمى عَيناً فَلَستَ بِرامِقٍ

طَوالَ اللَيالي ذَلِكَ العَلَمَ الفَردَ

وَكُرَّ إِلى نَجدٍ بِطَرفِكَ إِنَّهُ

مَتى يَعدُ لا يَنظُر عَقيقاً وَلا نَجدا

تَلَفَّتَ دونَ الرَكبِ وَالعَينُ غَمرَةٌ

وَقَد مَدَّها سَيلُ الدُموعِ بِما مَدّا

لَعَلّي أَرى داراً بِأَسنِمَةِ النَقا

فَأَطرَبُما لِلدارِ أَقرَبُنا عَهدا

تَلاعَبُ بي بَينَ المَعالِمِ لَوعَةٌ

فَتَذهَبُ بي يَأساً وَتَرجِعُ بي وَجدا

مَنازِلُ ناشَدتُ السَحابَ فَما قَضى

فَريضَتَها عَنّي السَحابُ وَلا أَدّى

وَهَل بالِغٌ ما يَبلُغُ الدَمعُ عِندَها

حَقائِبَ غَيثٍ تَحمِلُ البَرقَ وَالرَعدا

أَمِنكِ الخَيالُ الطارِقي بَعدَ هَجعَةٍ

يُعاطي جَوى الظَمآنِ مُبتَسِماً بَردا

دَنا مِن أَعالي الرَقمَتَينِ وَما دَنا

وَصَدَّ وَقَد وَلَّى الظَلامُ وَما صَدّا

وَمِن عَجَبٍ رَيّي وَما نَقَعَ الصَدى

وَعَدّي مَنّاً عَلَيَّ وَما اِعتَدّا

أَساءَ لَيالي القُربِ نَأياً وَهِجرَةً

وَأَسدى عَلى بُعدٍ مِنَ الدارِ ما أَسدى

أَفي كُلِّ يَومٍ لِلمَطامِعِ جاذِبٌ

يُجَشِّمُني ما يُعجِزُ الأَسَدَ الوَردا

كَأَنّي إِذا جادَلتُ دونَ مَطالِبي

أُجادِلُ لِأَيّامِ أَلسِنَةً لُدّا

أَحُلُّ عُقودَ النائِباتِ وَأَنثَني

وَخَلفي يَدٌ لِلدَهرِ تُحكِمُها عَقدا

إِذا ما نَفَذَتِ السَدَّ مِن كُلِّ حادِثٍ

رَأَيتُ أَمامي ما أَبتَغي سَدّا

أَأَترُكُ أَملاكاً رِزاناً حُلومُهُم

حُلولاً عَلى الزَوراءِ أَيمانُهُم تَندى

كَأَنَّكَ تَلقى مِنهُمُ أَجَمِيَّةً

مُؤَلَّلَةَ الأَنيابِ أَو قُلَلاً صَلدا

وَلا يَأنَفُ الجَبّارُ أَن يَعتَفيهِمُ

وَلا الحُرُّ يَأبى أَن يَكونَ لَهُم عَبدا

إِذا ما عَدِمنا الجودَ مِنهُم لِعِلَّةٍ

فَلَن نَعدَمَ العَلياءَ مِنهُم وَلا المَجدا

وَإِنَّ كَريمَ القَومِ مَن خَدَمَ العُلى

وَإِنَّ لَئيمَ القَومِ مَن خَدَمَ الرِفدا

إِذا ما طَرَقتَ المَرءَ مِنهُم وَجَدتَهُ

عَلى النارِ لا كابي الزِنادِ وَلا وَغدا

لَهُم كُلُّ مَوقوذٍ مِنَ التاجِ رَأسُهُ

غَني بِالعُلى أَن يَنسُبَ الأَبَ وَالجَدّا

نُحاسِنُ أَقمارَ الدُجى بِوُجوهِهِم

فَنَبهَرُها نوراً وَنَغلِبُها سَعدا

تَخالُهُمُ غيداً إِذا بَذَلوا النَدى

وَتَحسَبُهُم جِنّاً إِذا رَكِبوا الجُردا

إِذا طَرِبوا لِلجودِ أَمطَرنَهُم حَياً

وَإِن غَضِبوا لِلمَجدِ هَيَّجتَهُم أُسدا

وَأَنقُلُ بَيتي في البِلادِ مُجاوِراً

بُيوتَ المَخازي قَد ضَلَلتُ إِذا جَدّا

خِياماً قَصيراتِ العِمادِ تَخالُها

كِلاباً عَلى الأَذنابِ مُقعِيَةً رُبدا

إِذا عَزَّ ماءٌ بَينَهُم وَرَدوا القَذى

وَإِن قَلَّ زادٌ عِندَهُم مَضَغوا القِدّا

تَرى الوَفدَ عَن أَعطانِهِم وَقِبابِهِم

مِنَ اللُؤمِ أَنأى مِن نَعامِهِمُ طَردا

أَأَترُكُ أَمطاءَ السَوابِقِ ضِلَّةً

وَأَستَحمِلُ الحاجاتِ أَحمِرَةً قُفدا

لِرَأيٍ لَعَمري غَيرِ دانٍ مِنَ النُهى

وَلا واسِطٍ في الحَزمِ قَبلا وَلا بَعدا

فَلا طَرَبٌ إِن زِدتُ قُرباً إِلَيهِمُ

وَلا أَسَفٌ إِن زادَ ما بَينَنا بُعدا

كَعَمتُ لِساني أَن يَقولَ وَإِن يَقُل

فَقُل في الجِرازِ العَضبِ إِن فارَقَ الغِمدا

وَإِنَّ بُروداً لِلمَخازي مُعَدَّةٌ

فَمَن شاءَ في ذا الحَيِّ أَسحَبتُهُ بُردا

قَلائِدُ في الأَعناقِ بِالعارِ لا تَهي

عَلى مَرِّ أَيّامِ الزَمانَ وَلا تَصدا

إِذا صَلصَلَت بَينَ القَنا قَضَتِ القَنا

وَإِن زَفَرَت بِالسَردِ قَطَّعَتِ السَردا

لَها بَينَ أَعراضِ الرِجالِ قَعاقِعٌ

مَدارِجُها أَسعى مِنَ الغُرِّ أَو أَعدى

أآلَ بُوَيهٍ ما نَرى الناسَ غَيرَكُم

وَلا نَشتَكي لِلخَلقِ أَولاكُمُ فَقدا

نَرى مَنعَكُم جُوداً وَمَطلَكُمُ جَداً

وَإِذلالُكُم عِزّاً وَإِمرارَكُم شَهدا

وَعَيشُ اللَيالي عِندَ غَيرِكُمُ رَدىً

وَبَردُ الأَماني عِندَ غَيرِكُم وَقدا

إِذا لَم تَكونوا نازِلي الأَرضِ لَم نَجِد

بِها الوادِيَ المَمطورَ وَالكَلَأَ الجَعدا

وَيُنبِطُ مِحفاري بِأَرضِكُمُ الغِنى

إِذا ما نَبا عَن جانِبِ اللُؤمِ أَو أَكدى

وَكُنتُ أَرى أَنّي مَتى شِئتُ دونَكُم

وَجَدتُ مَجازاً لِلمَطالِبِ أَو مَعدى

فَلَم أَرَ لي مِن مَطلَعٍ عَن بِلادِكُم

وَلا مِن مَراحٍ لِلأَماني وَلا مَغدى

خُذوا بِزِمامي قَد رَجَعتُ إِلَيكُم

رُجوعَ نَزيلٍ لا يَرى مِنكُمُ بُدّا

أُريدُ ذَهاباً عَنكُمُ فَيَرُدُّني

إِلَيكُم تَجاريبُ الرِجالِ وَلا حَمدا