تعيف الطير فأنبأنه

تَعَيَّفَ الطَيرَ فَأَنبَأنَهُ

أَنَّ اِبنَ لَيلى عَلِقَتهُ عَلوق

وَإِنَّ سَجلاً مِن دَمٍ آمِنٍ

أَفرَغَهُ الطَعنُ بِوادي العَقيق

يا ناعِيَ الفارِسِ قَد أَصبَحَت

ضِباعُ ذي العَرعَرِ مِنهُ نُغوق

تَعلَمُ مَن تَنعى إِلى قَومِهِ

طارَ ذِراعاكَ بِعَضبٍ ذَلوق

بُعداً لِأَرماحِ تَميمٍ لَقَد

هَدَدنَ عاديَّ بِناءٍ عَتيق

قَرَعنَ في أَصلٍ كَريمِ الثَرى

وَجُلنَ في فَرعٍ عَزيزِ العُروق

حَدَوا لَهُ مِن حَيثُ لا يَتَّقي

عيراً مِنَ الطَعنِ مِلاءَ الوُسوق

كَأَنَّ ذا المَطلَعَ أَمسى الرَدى

رَصيدَهُ وَاِزوَرَّ عَنهُ الفَريق

قالَت لَهُ النَفسُ عَلى عارِها

ما لَكَ لا تَنقُضُ هَذا الطَريق

ما كانَ بِالراجِعِ عَن نَهجِهِ

لَو وَقَفَ السَيفُ لَهُ في المَضيق

لا يَدَعُ الذابِلَ مَن طَعمُهُ

عَلى صَبوحٍ بِدَمٍ أَو غَبوق

كَأَنَّ أَعلاهُ لِسانٌ فَما

يَغُبُّهُ الدَهرُ بَلالٌ بِريق

كَم باتَ رَبّاءً لِسَيّارَةٍ

طارِقَةٍ غَيرَ أَوانِ الطُروق

في قُنَّةٍ عَيطاءَ مَمطولَةٍ

كَأَنَّها قُلَّةُ رَأسٍ حَليق

يُزايِلُ اللَيلَ عَلى رَحلِهِ

وَيُؤثِرُ القَومَ بِطُعمِ الخُفوق

وَيَغتَدي بَعدَ عِراكِ السُرى

يُعارِضُ الرَكبَ بِوَجهٍ طَليق

أَوفى كَما جَلّى عَلى رَهوَةٍ

أَزرَقُ والى نَظَراتٍ بِنيق

يَسُلُّ عَينَيهِ عَلى مِريَةٍ

عَن زَجَلِ الطَيرِ قُبَيلَ الشُروق

يَعتَرِقُ اللَحمَ عَلى بارِقٍ

وَيَنتَقي العَظمَ بِرَملِ الشَقيق

أَو حَيَّةُ الرَعنِ ذَوى رَأسَهُ

مُشتَرِقَ الشَمسِ بِطَودٍ زَليق

يَعقُدُ أولاهُ بِأُخراتِهِ

لِفافَ بِنتِ الرَقَمِ الخَنفَقيق

كَعِمَّةِ الأَلوَثِ مالَت بِهِ

بَينَ النَدامى نَزَواتُ الرَحيق

جامِعُ لينٍ وَصِيالٍ مَعاً

إِطراقَ ذي حِلمٍ وَصَولِ الحَنيق

يُديرُ في فيهِ ذَليقَ الشَبا

مِثلَ لِماظِ الرَجُلِ المُستَذيق

تَخالُ ما تَطرَحُ أَشداقُهُ

ما لَطَّخَ المَحضَ بِقَعبِ الغَبوق

مُستَجمِعٌ فَرَّقَ عَن وَثبَةٍ

نَشطَكَ حَبلَ العَرَبيَّ الرَبيق

نِعمَ كِعامُ الثَغرِ يَشجو بِهِ

فَمَ المَنايا وَنِصاحُ الفُتوق

تَضُمُّهُ في الرَوعِ مِن دِرعِهِ

أُمٌّ لَها مِنهُ أَذىً أَو عُقوق

زالَ وَأَبقى عِندَ أَعقابِهِ

خَديمَ مالٍ عَرَفَتهُ الحُقوق

مَضى وَوَصّاهُم بِأَن يَقبَلوا

دَعوى العِدا فيهِم وَحُكمَ الصَديق

كانَ هَوىً لِلنَفسِ لَو أَنَّني

في حَلَقِ القِدِّ وَأَنتَ الطَليق

ما كُنتُ بِالهائِبِ طُرقَ الرَدى

ما سَلِمَ العَضبُ وَأَنتَ الرَفيق

ما أَنا بِاللاقي بِذاتِ النَقا

خَيلَ وَغىً مُشعَلَةً بِالعَنيق

ماطَلَها الماءَ فَلَمّا سَلَت

عَنِ الرَوى ماطَلَها بِالعَليق

وَلِاِبنُ لَيلى عارِضاً رُمحَهُ

يَحدو بِخَفّانَ جِمالاً وَنوق

يَأبى إِذا الضَيمُ غَدا مُضغَةً

سَلسالَةً سائِغَةً في الحُلوق

يَروحُ مَن يَرجو لَهُ غُرَّةً

قَد خَضخَضَ السَجلَ بِجالٍ عَميق

يُحَدِّثُ النَفسَ بِما فاتَهُ

تَطاوُلَ الغَمرِ لِمَجنى السَحوق

اِستَبدَلَ الحَيُّ بِعِقبانِهِ

أَغرِبَةً بَعدَكَ حُمقَ النَغيق

خاطَرَتِ الشَولُ بِأَذنابِها

لَمّا اِنطَوى قَرقارُ ذاكَ الفَنيق

قَد نَطَقَ الصامِتُ مِن بَعدِهِ

وَأَصرَدَ النابِلُ بَعدَ المُروق

مَخيلَةٌ لا مَطَرٌ خَلفَها

تَلمَعُ مِنها شَوَلانُ البُروق

ما الحَيُّ بِالضاحِكِ عَن مِثلِهِ

وَلا وُجوهُ الحَيِّ مُذ غابَ روق

وَلا أَغَبُّ الأَرضَ تُمسى بِها

ظِلٌّ صَفيقٌ وَنَسيمٌ رَقيق

لا أَغفَلَت قَبرَكَ حَنّانَةٌ

خَرقاءُ بِالقَطرِ صَناعِ البُروق

ما أَبدَعَ المِقدارُ فيما جَنى

لَكِنَّهُ حَمَّلَ غَيرَ المُطيق