صاحت بذودي بغداد فآنسني

صاحَت بِذَودِيَ بَغدادٌ فَآنَسَني

تَقَلُّبي في ظُهورِ الخَيلِ وَالعيرِ

وَكُلَّما هَجهَجَت بي عَن مَنازِلِها

عارَضتُها بِجَنانٍ غَيرِ مَذعورِ

أَطغى عَلى قاطِنيها غَيرَ مُكتَرِثٍ

وَأَفعَلُ الفِعلَ فيهاغَيرَ مَأمورِ

خَطبٌ يُهَدِّدُني بِالبُعدِ عَن وَطَني

وَما خُلِقتُ لِغَيرِ السَرجِ وَالكورِ

إِنّي وَإِن سامَني مالا أُقاوِمُهُ

فَقَد نَجَوتُ وَقِدحي غَيرُ مَقمورِ

عَجلانَ أُلبِسُ وَجهي كُلَّ داجِيَةٍ

وَالبَرُّ عُريانُ مِن ظَبيٍ وَيَعفورِ

وَرُبَّ قائِلَةٍ وَالهَمُّ يُتحِفُني

بِناظِرٍ مِن نِطافِ الدَمعِ مَمطورِ

خَفِّض عَليكَ فِلِلأَحزانِ آوِنَةٌ

وَما المُقيمُ عَلى حُزنٍ بِمَعذورِ

فَقُلتُ هَيهاتَ فاتَ السَمعُ لائِمَه

لا يُفهَمُ الحُزنُ إِلّا يَومَ عاشورِ

يَومٌ حَدا الظُعنَ فيهِ لِاِبنِ فاطِمَةٍ

سِنانُ مُطَّرِدِ الكَعبَينِ مَطرورِ

وَخَرَّ لِلمَوتِ لا كَفٌّ تُقَلِّبُهُ

إِلّا بِوَطءٍ مِنَ الجُردِ المَحاضيرِ

ظَمآنَ سَلّى نَجيعُ الطَعنِ غُلَّتَهُ

عَن بارِدٍ مَن عُبابِ الماءِ مَقرورِ

كَأَنَّ بيضَ المَواضي وَهيَ تَنهَبُهُ

نارٌ تَحَكَّمُ في جِسمٍ مِنَ النورِ

لِلَّهِ مُلقَىً عَلى الرمضاءِ عَضَّ بِهِ

فَمُ الرَدى بَينَ إِقدامٍ وَتَشميرِ

تَحنو عَلَيهِ الرُبى ظِلّاً وَتَستُرُه

عَنِ النَواظِرِ أَذيالُ الأَعاصيرِ

تَهابُهُ الوَحشُ أَن تَدنو لِمَصرَعِهِ

وَقَد أَقامَ ثَلاثاً غَيرَ مَقبورِ

وَمورِدٌ غَمَراتِ الضَربِ غُرَّتَهُ

جَرَّت إِلَيهِ المَنايا بِالمَصاديرِ

وَمُستَطيلٌ عَلى الأَزمانِ يَقدِرُها

جَنى الزَمانُ عَليها بِالمَقاديرِ

أَغرى بِهِ اِبنَ زِيادٍ لُؤمُ عُنصُرِهِ

وَسَعيُهُ لِيَزَيدٍ غَيرُ مَشكورِ

وَوَدَّ أَن يَتَلافى ما جَنَت يَدُهُ

وَكانَ ذَلِكَ كَسراً غَيرَ مَجبورِ

تُسبى بَناتُ رَسولِ اللَهِ بَينَهُمُ

وَالدينُ غَضُّ المَبادي غَيرُ مَستورِ

إِن يَظفَرِ المَوتُ مِنّا بِاِبنِ مُنجِبَةٍ

فَطالَما عادَ رَيّانَ الأَظافيرِ

يَلقى القَنا بِجَبينٍ شانَ صَفحَتَهُ

وَقعُ القَنا بَينَ تَضميخٍ وَتَعفيرِ

مِن بَعدِ ما رَدَّ أَطرافَ الرِماحِ بِهِ

قَلبٌ فَسيحٌ وَرَأيٌ غَيرُ مَحصورِ

وَالنَقعُ يَسحَبُ مِن أَذيالِهِ وَلَهُ

عَلى الغَزالَةِ جَيبٌ غَيرُ مَزرورِ

في فَيلَقٍ شَرِقٍ بِالبيضِ تَحسَبُهُ

بَرقاً تَدَلّى عَلى الآكامِ وَالقورِ

بَني أُمَيَّةَ ما الأَسيافُ نائِمَةً

عَن شاهِرٍ في أَقاصي الأَرضِ مَوتورِ

وَالبارِقاتُ تَلَوّى في مَغامِدِها

وَالسابِقاتُ تَمَطّى في المَضاميرِ

إِنّي لَأَرقُبُ يَوماً لا خَفاءَ لَهُ

عُريانَ يَقلَقُ مِنهُ كُلُّ مَغمورٍ

وَلِلصَوارِمِ ما شاءَت مَضارِبُها

مِنَ الرِقابِ شَرابٌ غَيرُ مَنزورِ

أَكُلَّ يَومٍ لَآلِ المُصطَفى قَمَرٌ

يَهوي بِوَقعِ العَوالي وَالمَباتيرِ

وَكُلَّ يَومٍ لَهُم بَيضاءُ صافِيَةٌ

يَشوبُها الدَهرُ مِن رَنقٍ وَتَكديرِ

مِغوارُ قَومٍ يَروعُ المَوتُ مِن يَدِهِ

أَمسى وَأَصبَحَ نَهباً لِلمَغاويرِ

وَأَبيَضُ الوَجهِ مَشهورٌ تَغَطرُفُهُ

مَضى بِيَومٍ مِنَ الأَيامِ مَشهورِ

ما لي تَعَجَّبتُ مِن هَمّي وَنَفرَتِهِ

وَالحُزنُ جُرحٌ بِقَلبي غَيرُ مَسبورِ

بِأَيِّ طَرفٍ أَرى العَلياءَ إِن نَضَبَت

عَيني وَلَجلَجتُ عَنها بِالمَعاذيرِ

أَلقى الزَمانَ بِكَلمٍ غَيرِ مُندَمِلٍ

عُمرَ الزَمانِ وَقَلبٍ غَيرِ مَسرورِ

يا جَدِّ لا زالَ لي هَمٌّ يُحَرِّضُني

عَلى الدُموعِ وَوَجدٌ غَيرُ مَقهورِ

وَالدَمعُ تَحفِزُهُ عَينٌ مُؤَرَّقَةٌ

حَفزَ الحَنِيَّةِ عَن نَزعٍ وَتَوتيرِ

إِنَّ السُلوَّ لَمَحظورٌ عَلى كَبِدي

وَما السُلُوُّ عَلى قَلبٍ بِمَحظورِ