عجبت من الأيام إنجازها وعدي

عَجِبتُ مِنَ الأَيامِ إِنجازَها وَعدي

وَتَقريبَها ما كانَ مِنّي عَلى بُعدِ

وَإِنَّ اللَيالي مُذ لَبِستُ رِداءَها

تُحاذِرُ مِن حَدّي فَتَزري عَلى جَدّي

وَلي إِن يَطُل عُمري مَعَ الدَهرِ وَقفَةٌ

تُذَلِّلُ أَحداثَ الزَمانِ لِمَن بَعدي

وَإِنّي لَمُرُّ اليَأسِ مُستَرعَفُ الظُبى

وَإِنّي لَحُلوُ الجودِ مُستَمطَرُ الرِفدِ

إِذا بَزَّني مالي عَطاءً تَرَكتُهُ

حَميداً وَطالَبتُ القَواضِبَ بِالرَدِّ

وَقَد عَجَمَت مِنّي اللَيالي مُذَرَّباً

تَخَلَّلَ أَنيابَ الأَساوِدِ وَالأُسدِ

إِذا خَبَّ فيهِ مِلءَ حَيزومِهِ الجَوى

تَوَقَّرَ يُخفي مِنهُ غَيرَ الَّذي يُبدي

وَكُنتُ إِذا الأَيّامُ جُلنَ بِساحَتي

رَجَعنَ وَلَم يَبلُغنَ آخِرَ ماعِندي

وَلَكِنَّها نَفسٌ كَما شِئتُ حُرَّةٌ

تَصولُ وَلَو في ماضِغِ الأَسَدِ الوَردِ

وَأَعظَمُ ما أَلفَيتُ شَجواً وَلَوعَةً

عِتابُ أَخٍ فَلَّ الزَمانُ بِهِ حَدّي

أَقيكَ الرَدى ما كانَ ما كانَ عَن قِلىً

وَلَكِن هَناتٌ كِدنَ يَلعَبنَ بِالجَلدِ

وَلا تَحسَبَنَّ القَلبَ جازَت كُلومُهُ

إِلى القَلبِ إِلّا بَعدَما حَزَّ في الجِلدِ

مَنَحتُكَ ماعِندي مِنَ الصَدِّ مُعلِناً

وَعَقدُ ضَميري أَن أَدومَ عَلى الوُدِّ

وَلَم أَغدُ مَحلولَ اللِحاظِ طَلاقَةً

وَقَلبي مَعقودُ الجَنانِ عَلى الحِقدِ

سَجايا رَعَينَ المَجدَ في تَلَعاتِهِ

وَناقَلنَ في العَلياءِ غَوراً إِلى نَجدِ

وَقَد كُنتُ أَبغي رُتبَةً بَعدَ رُتبَةٍ

فَآنَفُ لي مِن أَن أَفوزَ بِها وَحدي

حِفاظاً عَلى القُربى الرَؤومِ وَغَيرَةً

عَلى الحَسَبِ الداني وَبُقيا عَلى المَجدِ

وَلِم لا وَنَحنُ الراجِعانِ مِنَ العُلى

إِلى المَغرَسِ الرَيّانِ وَالسُؤدُدِ الرَغدِ

مِنَ القَومِ أَشباهُ المَكارِمِ فيهِمُ

وَعِرقُ المَعالي الغُرِّ وَالحَسَبِ العِدِّ

حَسَدتُ عَليكَ الأَجنَبينَ مَحَبَّةً

وَنافَستُ فيكَ الأَبعَدينَ عَلى الوُدِّ

وَقَد كانَ لَذعٌ فَاِتَّقيتُ شَباتَه

بِقَلبٍ عَلى الضَرّاءِ كَالحَجَرِ الصُلدِ

تَجَلَّدتُ حَتّى لَم يَجِد فيَّ مُغمَزاً

وَعُدتُ كَما عادَ الجُرازُ إِلى الغِمدِ

وَها أَنا عُريانُ الجَنانِ مِنَ الَّتي

تَسوءُ وَمَنفوضُ الضُلوعِ مِنَ الوَجدِ

وَكَم سَخَطٍ أَمسى دَليلاً إِلى رِضىً

وَكَم خَطَإٍ أَضحى طَريقاً إِلى عَمدِ

أُقَلَّبُ عَيناً في الإِخاءِ صَحيحَةً

إِذا اِرتَمَتِ الأَعداءُ بِالأَعيُنِ الرُمدِ

وَإِنِّيَ مُذ عادَ التَوَدُّدُ بَينَنا

تَجَلّى الدُجى عَن ناظِري وَوَرى زَندي

وَعادَ زَماني بَعدَما غاضَ حُسنُهُ

أَنيقاً كَبُردِ العَصبِ أَو زَمَنِ الوَردِ

وَكُنتُ سَليبَ الكَفِّ مِن كُلِ ثَروَةٍ

فَأَصبَحتُ مِن نَيلِ الأَماني عَلى وَعدِ

وَفارَقتُ ضيقَ الصَدرِ عَنكَ إِلى الرَضى

كَما نَشَطَ المَأسورِ مِن حَلَقِ القِدِّ

وَقَد ضَمَّني مَحضُ الصَفاءِ وَصِدقُه

إِلَيكَ كَما ضُمَّت ذِراعٌ إِلى عَضدِ

وَكُنتُ عَلى ما بَينَنا مِن عِيابَةٍ

أَعِدُّكَ جَدّي حينَ أَسطو عَلى ضِدّي