قعد الراضون بالذل فقم

قَعَدَ الراضونَ بِالذُلِّ فَقُم

إِنَّما الماضي إِذا هَمَّ عَزَم

ما مُقامي غَيرُ مُمضي نِيَّةٍ

دائِباً أَهدُرُ كَالفَحلِ السَدِم

أَعرِضُ الآمالَ مَشفوفاً بِها

ثُمَّ أَنساها إِذا الخَطبُ أَلَمّ

طالَ لَبثي سادِراً في غُمَّةٍ

وَقَديماً كُنتُ فَرّاجَ الغُمَم

لا أَلومُ الهَمَّ إِن لازَمَني

فَهُمومُ المَرءِ يَبعَثنَ الهِمَم

لَستُ بِالواني وَلَكِنّي فَتىً

ظَلَمَتهُ نائِباتٌ فَاِنظَلَم

وَزَمانٌ شُرَّعٌ أَنيابُهُ

أَبَداً يَعرُقُنا عَرقَ السَلَم

المَعازيلُ كِرامٌ عِندَهُ

وَالمَناجيبُ كَمَلفوظِ العَجَم

خَضَعَ الدَهرُ لَنا ثُمَّ نَبا

وَكَذا الدَهرُ إِذا سافَ عَذَم

أَنا مِن أَبنائِهِ في مَعشَرٍ

يَتَواصونَ بِإِخفارِ الذِمَم

إِن طَواني الغَيبُ عَن أَلحاظِهِم

مَزَقّوا عِرضِيَ تَمزيقَ الأَدَم

لا يُلاقونِيَ إِلّا خائِضاً

أَخطُمُ الأَقوالَ مِنهُم وَأَزُمّ

إِن تَراني مُطرِقاً عَن سَورَةٍ

كَقُبوعِ الصِلِّ أُغضي وَأُرِمّ

فَهُمومي ساعِياتٌ جُهدَها

لَيسَ كُلُّ السَعيِ يَوماً بِالقَدَم

قَد يُجيبُ العِزُّ مَن أَقعَدَهُ

عَن طِلابِ العِزِّ خَوفٌ وَعَدَم

وَيُجيبُ الطالِبَ المُثري وَقَد

يُدرِكُ الشَأوَ أَخو العَجزِ الهَرِم

أَبقَتِ الأَيّامُ مِنّي صَعدَةً

تَزبُنُ العاجِمَ عَنها إِن عَجَم

وَإِذا زَعزَعَها الدَهرُ سَمَت

لَدنَةً تَنمي عَلى طولِ القِدَم

لَستَ لِلزَهراءِ إِن لَم تَرَها

كَوُعولِ الهَضبِ يَعجُمنَ اللُجُم

تُستَجَنُّ البيدُ مِن فُرسانِها

بَينَ بَغدادٍ إِلى أَرضِ الحَرَم

بِعَجاجٍ يَملَأُ الأُفقَ دُجىً

وَطِعانٍ يَخضُبُ الأَرضَ بِدَم

شُرَّعاً تَفتَرُّ عَن أَعناقِها

قُلَلُ القورِ وَغيطانُ الأَكَم

كَالرَدى أَقدَمَ وَالغَيثُ هَمى

وَالدُجى طَبَّقَ وَالسَيلُ هَجَم

حامِلاتٍ كُلَّ غَضبانٍ بِهِ

مِن لِمامِ الغَيظِ مَسٌّ وَلَمَم

كَالصُقورِ الغُلبِ أَلحاظُهُمُ

كَالجُذى يَلمَعنَ مِن خَلفِ اللُثَم

بَدَّدوا ما جَمَعَ البَأسُ لَهُم

بِأَنابيبِ العَوالي في الكَرَم

لَستُ بِالعاذِرِ جَدّي إِن هَوى

وَجُدودي في العُلى أَعلى الأُمَم

وَبَناني خُلِقَت أَطرافُها

عَقِباً لِلرُمحِ طَوراً وَالقَلَم

لا يُرى مِثلِيَ إِلّا طالِباً

ذُروَةَ المِنبَرِ أَو قَعرَ الرَجَم

طامِحَ الرَأسِ عَلى أَعوادِهِ

أَو عَلى عالِيَةِ الرُمحِ الأَصَمّ

خُطَّةٌ إِمّا عَلاءً أَو رَدىً

مُعجِلي أَن أَقرَعَ السِنَّ النَدَم

بِن مِنَ الناسِ بِعِزٍّ وَعُلىً

سَتُساويهِم غَداً بَينَ الرِمَم

هَبنِيَ الرُمحَ بِكَفَّي فارِسٍ

بَطَلٍ أَكرَهَهُ حَتّى اِنحَطَم

هَبنِيَ العَضبَ ذَليقاً حَدُّهُ

ثَلَّمَ البيضَ ضِراباً وَاِنثَلَم

أَتُراني دونَ مَن رامَ العُلى

في اللَيالي مِنذُ عادٍ وَإِرَم

وَدَنيٌّ ضارِعٌ عَن أَمرِهِ

أَخَذَ العُربَ بِتيجانِ العَجَم

كَم أَبٍ لي جَدَّ في إِحرازِها

يَحرُقُ النابَ عَليها وَاِبنِ عَمّ

طَلَبوها فَهَوى بَعضُهُمُ

وَرَمى بَعضٌ إِلَيها فَغَنِم

صَبَروا فيها عَلى كُلِّ أَذى

وَلَقوا مِن دونِها كُلَّ أَلَم

إِن يَكُن مُلكٌ فَمِثلي نالَهُ

أَو يَكُن حَتفٌ فَإِنّي لَم أُلَم

إِنَّما يَهلِكُ مِنّي ماجِدٌ

يولِغُ السَيفَ عَراقيبَ النَعَم

ناقِصُ الأَموالِ في بَذلِ النَدى

زائِدُ الخَطوِ إِلى ضَربِ القِمَم

نَحنُ قَومٌ قَسَمَ اللَهُ لَنا

بِالرَزايا وَرَضينا بِالقَسَم

إِنَّما قَصَّرَ مِن آجالِنا

أَنَّنا نَأنَفُ مِن مَوتِ الهَرَم

نِصفُ عَيشِ المَرءِ حُلمٌ وَالَّذي

يَعقِلُ العاقِلُ مِنهُ كَالحُلُم