لبست الوغى قبل ثوب الغبار

لَبِستُ الوَغى قَبلَ ثَوبِ الغُبارِ

وَقارَعتُ بِالنَصلِ قَبلَ الغِرارِ

وَأُسدٍ إِذا شَعَرَت بِالحَمامِ

رَأَت عَيشَها خَلفَ ذاكَ الشِعارِ

طِوالِ الخُدودِ قِصارِ الحُقودِ

رِواءِ الشَفارِ ظِماءِ المِهارِ

وَمُنتَجِعينَ دِيارَ العَدُوِّ

في كُلِّ مُضطَرِمٍ ذي أُوارِ

بِسُمرٍ مُثَقَّفَةٍ لِلطِعانِ

وَجُردٍ مُسَوَّمَةٍ لِلغِوارِ

وَيَومٍ خَتَمنا عَلَيهِ الرَدى

وَقَد فُضَّ عَنهُ خِتامُ الذِمارِ

تَصيدُ قُلوبَ الأَعادي بِهِ

صُدورُ القَنا وَهيَ هيمٌ ضَوارِ

إِذا سَتَرَ النَقعُ آثارَها

هَتَكنَ الضَمائِرَ عَن كُلِّ ثارِ

قُلوبُهُمُ بِذُيولِ الحِمامِ

مِن وَقعِ أَطرافِها في عِثارِ

وَتَجهَرُ بِالمَوتِ أَرواحُهُم

وَسُمرُ القَنا مَعَها في سِرارِ

وَقَد وَرَدوا بِصُدورِ الرِماحِ

كَما صَدَروا بِصُدورِ الشِفارِ

كَسَونا قَنانا ثِيابَ الدِماءِ

وَنَحنُ مِنَ العارِ فيها عَوارِ

لَقَد كُنتُ أَسحَبُ بُردَ الشِماسِ

لا يَرفَعُ العَذلُ مُرخى إِزاري

فَأَصبَحتُ قَبلَ نُزولِ العِذارِ

مُعتَرِفاً صابِراً لِلعِذارِ

أَلا رُبَّ صَبٍّ بِحُبِّ العُلى

وَلَيدِ المَطايا رَضيعِ السِفارِ

بَعيدَ المَعالي قَريبِ العَوالي

صَديقِ الأَيادي عَدُوِّ النُضارِ

فَتىً لا يُعَفَّرُ أَحلامَهُ

غِرارُ التَصابي بِأَيدي العُقارِ

يُمَزَّقُ بِالعيسِ جَيبَ الدُجى

وَيَهتِكُ بِالخَيلِ صَدرَ النَهارِ

إِذا غاضَ مارُ النَدى أَسلَبَت

يَداهُ بِمارٍ مِنَ الجودِ جارِ

إِذا ما رَعَت في رُبى جودِهِ

هِزالُ الأَماني غَدَت كَالشَبارِ

وَكَم نَدِيَت مِن نَداهُ المُنى

نَدى سُمرِهِ بِالنَجيعِ المُمارِ

وَمَن كُنَّ يَهوينَ خَلفَ الرِجاءِ

فَأَمسَينَ مِن جودِهِ في قَرارِ

كَما قَرَّ قَلبُكَ يا اِبنَ الحُسَي

نِ مِن شَوقِهِ وَعُيونِ الفَخارِ

بِمَولِدِ غَرّاءَ أَعطَيتَها

بُدُوَّ الأَهِلَّةِ بَعدَ السِرارِ

أَغارَت عَلى الحُسنِ أَسبابُها

فَأَسبابُهُ عِندَها في إِسارِ

وَلا عَجَبٌ أَن تَرى مِثلَها

وَزِندُكَ في كَرَمِ العِرقِ واري

نَثَرنَ عَلَيها سَوادَ القُلوبِ

وَكانَ الهَنا في خِلالِ النِثارِ

وَلَو أَنصَفَ الدَهرُ لَم نَقتَنِع

بِغَيرِ قُلوبِ النُجومِ الدَراري

هَناكَ بِها اللَهُ ما غَرَّدَت

صُدورُ القَنا في أَعالي نِزارِ

وَأَحيا بِها لَكَ مَيتَ العُلى

وَأَردى بِها كُلَّ عابٍ وَعارِ

وَذَلَّت عَمائِمُ قَومٍ بِها

كَما أَنَّها شَرَفٌ لِلخِمارِ

فَحَسبُكَ فَخرٌ بِهَذا المَديحِ

وَإِن غاضَ في المَدحِ ماءُ اِفتِخاري

يَزورُكَ بَينَ قُلوبِ العُداةِ

فَيَقطَعُها في اِتِّصالِ المَزارِ

غَدَت كَفُّ مَجدِكَ مِن مَدحَتي

تَجولُ مَعاصِمُها في سِوارِ