لو صح أن البين يعشقه

لَو صَحَّ أَنَّ البَينَ يَعشَقُهُ

ما اِستَعبَرَت في السَيرِ أَينُقُهُ

قَمَرٌ عَلى غُصنٍ يُرَنِّحُهُ

مَرُّ اللِحاظِ وَلَيسَ يَرشُقُهُ

طَأطَأتُ لَحظَ العَينِ حينَ خَطا

وَالبَينُ يَرمُقُني وَيَرمُقُهُ

وَأَذَبتُ دَمعي يَومَ وَدَّعَني

في صَحنِ خَدٍّ ذابَ رَونَقُهُ

وَدَّعتُهُ وَالبَدرُ تَحسَبُهُ

مُتَقاعِساً في الفَجرِ أَعنَقُهُ

وَاللَيلُ يَكبو فيهِ أَدهَمُهُ

وَالصُبحُ يَنهَضُ مِنهُ أَبلَقُهُ

وَاللَثمُ يَركُضُ في سَوالِفِهِ

وَتَكادُ خَيلُ الدَمعِ تَسبُقُهُ

ما غَرَّني يَومَ اللِقاءِ وَلا

خَدَعَ اِرتِياحَ هَوايَ رَيَّقُهُ

وَعَلِمتُ حينَ نَشَرتُ مِطرَفَهُ

أَنَّ الفِراقَ غَدا يُمَزِّقُهُ

بَكَتِ الجُفونُ وَأَنتَ طارِفُها

وَشَكا الفُؤادُ وَأَنتَ مُحرِقُهُ

وُدّي لِخَيرِ الناسِ أَذخَرُهُ

ما كُلُّ وُدٍّ فيكَ أُنفِقُهُ

وُدٌّ تَقادَمَ عَهدُهُ فَصَفا

وَجَديدُ وُدِّ المَرءِ أَخلَقُهُ

لِمُشَمِّرِ الأَطرافِ مُنزَعِجِ ال

أَعطافِ يُهجِعُهُ تَأَرُّقُهُ

لِأَغَرُّ تُعشي الشَمسَ غُرَّتُهُ

وَيَشُقُّ جَيبَ اللَيلِ مُشرِقُهُ

يَسري فَتَحجُبُهُ خَلائِقُهُ

وَيُضيءُ أَوجُهَها تَخَلُّقُهُ

أَبدَت خَبِيَّ المَجدِ طَلعَتُهُ

وَأَذاعَ سِرَّ المَجدِ مَنطِقُهُ

وَلَقَلَّما شَرِقَت أَسِنَّتُهُ

إِلّا وَصَفوُ الحَمدِ يُشرِقُهُ

وَإِذا اِستَرَقَّ المَحلُ مُرتَبَعاً

أَمَرَ السَحابَ الجَونَ يُعتِقُهُ

وَإِذا تَأَمَّلَ شَخصَهُ مَلِكٌ

أَوما إِلى قَدَمَيهِ مَفرِقُهُ

في كَفِّهِ عاري الذُبابِ لَهُ

لَمعٌ يَدُلُّكَ كَيفَ تَرمُقُهُ

أَطغاهُ رَونَقُ غَربِهِ فَطَغى

وَالمَاءُ يُطغيهِ تَرَقرُقُهُ

جَذلانُ يَرقُصُ في الرُؤوسِ إِذا

غَنَّتهُ بِالصَهَلاتِ سُبَّقُهُ

صَلّى الرَدى لَو يَستَطيعُ إِلى

نَصلٍ بِراحَتِهِ مُخَلَّقُهُ

يُؤوي الضُيوفَ وَدونَ حُجرَتهِ

بابٌ عَلى الأَحداثِ يُغلِقُهُ

وَإِذا النَوائِبُ زَعزَعَت يَدَهُ

في الطَعنِ جاءَتهُ تُمَلِّقُهُ

عُريانُ خَيلِ الغَدرِ مِن دَنَسٍ

لا يَستَطيعُ الغَدرُ يَعلُقُهُ

الجودُ يَنهاهُ وَيَأمُرهُ

وَالدَهرُ يَرجوهُ وَيَفرَقُهُ

هُوَ قادِرٌ لَكِنَّ صَولَتَهُ

في البَطشِ يَصرَعُها تَرَفُّقُهُ

وَلَرُبَّ مَجهولٍ رَكائِبُهُ

خَلفَ الرِياحِ الهوجِ تَخرُقُهُ

قَلقَلتَ بِالأَجفافِ تُربَتَهُ

وَالقَيظُ عَن أَمَمٍ يُحَرِّقُهُ

ذَمَّتكَ رَبوَتُهُ وَوَهدَتُهُ

وَشَكاكَ فَدفَدُهُ وَسَملَقُهُ

وَلَرُبَّ وِردٍ بِتَّ قارِبَهُ

لا يَطمَئِنُّ بِهِ تَدَفُّقُهُ

وَالماءُ يُرعَدُ في جَوانِبِهِ

جَزَعاً وَظِمءُ العيسِ يُشرِقُهُ

لَمّا لَحَظتَ الدَهرَ زايَلَهُ

إِظلامُهُ وَاِفتَرَّ ضَيُّقُهُ

ساوَرتَهُ فَفَضَضتَ سَورَتَهُ

وَاِرتاحَ في نُعماكَ مُملِقُهُ

وَكَذاكَ هَمُّ الريحِ في غُصُنٍ

تَثنيهِ أَو ماءٍ تُصَفِّقُهُ

لَمّا رَآكَ المُلكُ مُنصَلِتاً

بِالسَيفِ تُرعِدُهُ وَتُبرِقُهُ

اِستَنكَفَ التَعديلَ مايَلُهُ

وَاِستَرجَعَ التَحكيمَ أَخرَقُهُ

أَفَلَ السَماحُ وَأَنتَ شارِقُهُ

وَدَجا العَلاءُ وَأَنتَ مُشرِقُهُ

وَلَرُبَّ يَومٍ شِمتَ بارِقَهُ

وَالمَوتُ يُهطِلُهُ وَيودِقُهُ

وَالسَيفُ قائِمُهُ يُفارِقُهُ

وَالرُمحُ عامِلُهُ يُطَلِّقُهُ

وَالشَمسُ تَجري وَهيَ مُهمَلَةٌ

في ثَوبِ نَقعٍ لا تُخَرِّقُهُ

وَالخَيلُ تَطبَعُ في حَوافِرِها

وَشماً تُداوِلُهُ وَتُخلِقُهُ

مِن كُلِّ ذَيّالِ السَبيبِ رَمى

بِيَدَيهِ أُولى النَقعِ أَولَقُهُ

أَشلَيتَ عَزمَكَ في كَتائِبِهِ

وَالسَهمُ يُشليهِ مُفَوِّقُهُ

فَاِسلَم عَلى الأَيّامِ تَلبَسُها

فَالدَهرُ ثَوبٌ أَنتَ مُخلِقُهُ