وفى ذا السرور بتلك الكرب

وَفى ذا السُرورُ بِتِلكَ الكُرَب

وَهَذا المَقامُ بِذاكَ التَعَب

قَدِمتَ فَأَطرَقَ صَرفُ الزَمانِ

عَناءً وَأَغضَت عُيونُ النُوَب

وَمِثلُكَ مَن قَذَفَتهُ الخُطو

بُ في صَدرِ كُلِّ خَميسٍ لَجِب

قَريبُ المُرادِ بَعيدُ المَرامِ

عَظيمُ العَلاءِ جَليلُ الحَسَب

وَمَن قَلقَلَ البَينُ أَطنابَهُ

وَنالَ أَقاصي المُنى بِالطَلَب

غَدَت تَشتَكيكَ كُؤوسُ المُدامِ

وَيُثني عَلَيكَ القَنا وَالقُضُب

وَكُنّا نُصانِعُ فيكَ الهُمومَ

فَصِرنا تُصانِعُ فيكَ الطَرَب

إِذا ما الفَتى وَصَلَ الزائِري

نَ أَثنَوا عَلَيهِ نَأى أَو قَرُب

وَكَيفَ يُهَنّيكَ لَفظُ اِمرِئٍ

يُهَنّي بِقُربِكَ أَعلى الرُتَب

وَكُنّا بِذِكرِكَ نَشفي الغَليلَ

وَما بَينَنا أَمَدٌ مُنشَعِب

إِلى أَن تَهَلَّلَ وَجهُ الزَمانِ

وَمَن بانَ مِثلُكَ عَنهُ شَحَب

رَأَينا بِوَجهِكَ نورَ اليَقي

نِ حَتّى خَلَعنا ظَلامَ الرِيَب

وَما زِلتَ تَمسَحُ خَدَّ الصَباحِ

وَتَرحَمُ قَلبَ الظَلامِ الأَشِب

بِمَطرورَةِ الصَدرِ خَفّاقَةٍ

تَطيرُ مَجاذيفُها كَالعَذَب

تُعانِقُكَ الريحُ في صَدرِها

وَيَشتاقُكَ الماءُ حَتّى يَثِب

تَمُرُّ بِشَخصِكَ مَرَّ الجِيادِ

وَتَسري بِرَحلِكَ سَيرَ النُجُب

إِذا اِطَّرَدَت بِكَ خِلتَ القُصو

رَ تُرعَدُ بِالبُعدِ أَو تَحتَجِب

يُسَرُّ بِها عاشِقٌ لا يُلَذَّ

ذُ بِالنَأيِ أَو نازِحٌ يَقتَرِب

وَقَد بَلَّغَتكَ الَّذي رُمتَهُ

وَحَقُّ المُبَلِّغِ أَن يُصطَحَب

أَبا قاسِمٍ كانَ هَذا البِعادُ

إِلى طُرُقِ القُربِ أَقوى سَبَب

فَما كُنتُ أَوَّلَ بَدرٍ أَتى

وَلا كُنتَ أَوَّلَ نَجمٍ غَرَب

أَلا إِنَّني حَسرَةُ الحاسِدينَ

وَما حَسرَةُ العُجمِ إِلّا العَرَب

فَلا لَبِسوا غَيرَ هَذا الشِعارِ

وَلا رُزِقوا غَيرَ هَذا اللَقَب

مَنَحتُكَ مِن مَنطِقي تُحفَةً

رَأَيتُ بِها فُرصَةً تُستَلَب

تُصَفِّقُها بِالنَشيدِ الرُواةُ

كَما صَفَّقَ الماءُ بِنتَ العِنَب

وَأَنتَ تُساهِمُني في العَلا

ءِ فَخراً وَتَشرَكُني في النَسَب