يا ليلة السفح ألا عدت ثانية

يا لَيلَةَ السَفحِ أَلّا عُدتِ ثانِيَةً

سَقى زَمانَكَ هَطّالٌ مِنَ الدِيَمِ

ماضٍ مِنَ العَيشِ لَو يُفدى بَذَلتُ لَهُ

كَرائِمَ المالِ مِن خَيلٍ وَمِن نَعَمِ

لَم أَقضِ مِنكِ لُباناتٍ ظَفِرتُ بِها

فَهَل لِيَ اليَومَ إِلّا زَفرَةُ النَدَمِ

فَلَيتَ عَهدَكِ إِذ لَم يَبقَ لي أَبَداً

لَم يُبقِ عِندي عَقابيلاً مِنَ السَقَمِ

تَعَجَّبوا مِن تَمَنّي القَلبِ مُؤلَمُهُ

وَما دَرَوا أَنَّهُ خِلوٌ مِنَ الأَلَمِ

رُدّوا عَلَيَّ لَيالِيَّ الَّتي سَلَفَت

لَم أَنسَهُنَّ وَلا بِالعَهدِ مِن قِدَمِ

أَقولُ لِلّائِمِ المُهدي مَلامَتَهُ

ذُقِ الهَوى وَإِنِ اِسطَعتَ المَلامَ لُمِ

وَظَبيَةٍ مِن ظِباءِ الإِنسِ عاطِلَةٍ

تَستَوقِفُ العَينَ بَينَ الخَمصِ وَالهَضَمِ

لَو أَنَّها بِفِناءِ البَيتِ سانِحَةً

لَصِدتُها وَاِبتَدَعتُ الصَيدَ في الحَرَمِ

قَدِرتُ مِنها بِلا رُقبى وَلا حَذَرٍ

عَلى الَّذي نامَ عَن لَيلي وَلَم أَنَمِ

بِتنا ضَجيعَينِ في ثَوبَي هَوىً وَتُقىً

يَلُفُّنا الشَوقُ مِن فَرعٍ إِلى قَدَمِ

وَأَمسَتِ الريحُ كَالغَيرى تُجاذِبُنا

عَلى الكَثيبِ فُضولَ الرَيطِ وَاللِمَمِ

يَشي بِنا الطيبُ أَحياناً وَآوِنَةً

مُضيئُنا البَأقُ مُجتازاً عَلى أَضَمِ

وَباتَ بارِقُ ذاكَ الثَغرِ يوضِحُ لي

مَواقِعَ اللَثمِ في داجٍ مِنَ الظُلَمِ

وَبَينَنا عِفَّةٌ بايَعتُها بِيَدي

عَلى الوَفاءِ بِها وَالرَعيِ لِلذِمَمِ

يُوَلِّعُ الطَلُّ بُردَينا وَقَد نَسَمَت

رُوَيحَةُ الفَجرِ بَينَ الضالِ وَالسَلَمِ

وَأَكتُمُ الصُبحَ عَنها وَهيَ غافِلَةٌ

حَتّى تَكَلَّمَ عُصفورٌ عَلى عَلَمِ

فَقُمتُ أَنفُضُ بُرداً ما تَعَلَّقَهُ

غَيرَ العَفافِ وَراءَ الغَيبِ وَالكَرَمِ

وَأَلمَسَتني وَقَد جَدَّ الوَداعُ بِنا

كَفّاً تُشيرُ بِقُضبانٍ مِنَ العَنَمِ

وَأَلثَمَتنِيَ ثَغراً ما عَدَلتُ بِهِ

أَريَ الجَنى بِبَناتِ الوابِلِ الرُذُمِ

ثُمَّ اِنثَنَينا وَقَد رابَت ظَواهِرُنا

وَفي بَواطِنِنا بُعدٌ مِنَ التُهَمِ

يا حَبَّذا لَمَّةٌ بِالرَملِ ثانِيَةٌ

وَوَقفَةٌ بِبُيوتِ الحَيِّ مِن أَمَمِ

وَحَبَّذا نَهلَةٌ مِن فيكِ بارِدَةً

يُعدي عَلى حَرِّ قَلبي بَردُها بِفَمي

دَينٌ عَلَيكِ فَإِن تَقضيهِ أَحيَ بِهِ

وَإِن أَبَيتِ تَقاضَينا إِلى حَكَمِ

عَجِبتُ مِن باخِلٍ عَنّي بِريقَتِهِ

وَقَد بَذَلتُ لَهُ دونَ الأَنامِ دَمي

ما ساعَفَتني اللَيالي بَعدَ بَينِهِمُ

إِلّا بَكَيتُ لَيالينا بِذي سَلَمِ

وَلا اِستَجَدَّ فُؤادي في الزَمانِ هَوىً

إِلّا ذَكَرتُ هَوى أَيّامِنا القُدُمُ

لا تَطلُبَنَّ لِيَ الأَبدالَ بَعدَهُمُ

فَإِنَّ قَلبِيَ لا يَرضى بِغَيرِهِمِ