رأيت وقد أتى نجران دوني

رَأَيتُ وَقَد أَتى نَجرانُ دوني

وَلَيلى دونَ أَرحُلِها السَديرُ

لِلَيلى بِالغُمَيِّمِ ضَوءَ نارٍ

يَلوحُ كَأَنَّهُ الشِعرى العَبورُ

إِذا ما قُلتُ خابِيَةٌ زَهاهاً

سَوادُ اللَيلِ وَالريحُ الدَبورُ

فَما كادَت وَلَو رَفَعوا سَناها

لِيُبصِرَ ضَوءَها إِلّا البَصيرُ

فَبِتُّ كَأَنَّني سافَهتُ خَمراً

مُعَتَّقَةً حُمَيّاها تَدورُ

فَقُلتُ لِصُحبَتي هَل يُبلِغَنّي

إِلى لَيلى التَهَجُّرُ وَالبُكورُ

وَإِدلاجي إِذا الظَلماءُ أَلقَت

مَراسِيَها وَهادٍ لا يَجورُ

وَقولي كُلَّما جاوَزتُ خَرقاً

إِلى خَرقٍ لِأُخرى القَومِ سيروا

بِناجِيَةٍ كَأَنَّ الرَحلَ مِنها

وَقَد قَلِقَت مِنَ الضُمرِ الضُفورُ

عَلى أَصلابِ جَأبٍ أَخدَرِيٍّ

مِنَ اللائي تَضَمَّنَهُنَّ إيرُ

رَعى بُهمى الدَكادِكِ مِن أَريكٍ

إِلى أُبلى مُناصيهِ حَفيرُ

فَلَمّا أَن رَأى القُريانَ هاجَت

ظَواهِرُها وَلاحَتهُ الحَرورُ

وَأَحنَقَ صُلبُهُ وَطَوى مِعاهُ

وَكَشحَيهِ كَما طُوِيَ الحَصيرُ

دَعاهُ مَشرَبٌ مِن ذي أَبانٍ

حِساءٌ بِالأَباطِحِ أَو غَديرُ

فَظَلَّ بِهِنَّ يَحدوهُنَّ قَصداً

كَما يَحدو قَلائِصَهُ الأَجيرُ

أَقَبُّ كَأَنَّ مَنخِرَهُ إِذا ما

أَرَنَّ عَلى تَواليهِنَّ كيرُ

لَهُ زَجَلٌ تَقولُ أَصَوتُ حادٍ

إِذا طَلَبَ الوَسيقَةَ أَو زَميرُ

مُدِلٌّ شَرَّدَ الأَقرانَ عَنهُ

عِراكٌ ما تَعارَكَهُ الحَميرُ

وَأَصبَحَ في الفَلاةِ يُديرُ طَرفاً

عَلى حَذَرٍ تَوَجُّسُهُ كَثيرُ

لَهُ زَجَلٌ كَأَنَّ الرِجلَ مِنهُ

إِذا ما قامَ مُعتَمِداً كَسيرُ

فَأَورَدَهُنَّ تَقريباً وَشَدّاً

شَرائِعَ لَم يُكَدِّرها الوَقيرُ

فَخاضَ أَمامَهُنَّ الماءَ حَتّى

تَبَيَّنَ أَنَّ ساحَتَهُ قَفيرُ

فَلَمّا أَن تَغَمَّرَ صاحَ فيها

وَلَمّا يَعلُهُ الصُبحُ المُنيرُ