كأني كسوت الرحل جونا رباعيا

كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ جَوناً رَباعِياً

بِليتَيهِ مِن زَرِّ الحَميرِ كُلومُ

عُلَندى مِصَكّاً قَد أَضَرَّ بِعانَةٍ

لِما شَذَّ مِنها أَو عَصاهُ عَذومُ

تَرَبَّعَ أَكنافَ القَنانِ فَصارَةٍ

فَما وانَ حَتّى قاظَ وَهوَ زَهومُ

إِلى أَن عَلاهُ القَيظُ وَاِستَنَّ حَولَهُ

أَهابِيُّ مِنها حاصِبٌ وَسَمومُ

وَأَعوَزَهُ باقي النِطافِ وَقَلَّصَت

ثَمائِلُها وَفي الوُجوهِ سُهومُ

وَحَلَّأَها حَتّى إِذا تَمَّ ظِمؤُها

وَقَد كادَ لا يَبقى لَهُنَّ شُحومُ

فَظَلَّ سَراةَ اليَومِ يَقسِمُ أَمرَهُ

مُشِتٌّ عَلَيهِ الأَمرُ أَينَ يَرومُ

وَأَقلَقَهُ هَمٌّ دَخيلٌ يَنوبُهُ

وَهاجِرَةٌ جَرَّت عَلَيهِ صَدومُ

بِرابِيَةٍ يَنحَطُّ عَنها مُعَشِّراً

وَيَعلو عَلَيها تارَةً فَيَصومُ

وَظَلَّت كَأَنَّ الطَيرَ فَوقَ رُؤوسِها

صِياماً تُراعى الشَمسَ وَهوَ كَظومُ

مَخافَةَ مَخشِيِّ الشَذاةِ عَذَوَّرٍ

لِنابَيهِ في أَكفالِهِنَّ كُلومُ

إِلى أَن أَجَنَّ اللَيلُ وَاِنقَضَّ قارِباً

عَلَيهِنَّ جَيّاشَ الجِراءِ أَزومُ

وَكَمشِها ثَبتُ الحِضارِ مُلازِمٌ

لَمّا ضاعَ مِن أَدبارِهِنَّ لَزومُ

فَأَورَدَها ماءً بِغَضوَرَ آجِناً

لَهُ عَرمَضٌ كَالغِسلِ فيهِ طُمومُ

بِحَضرَتِهِ رامٍ أَعَدَّ سَلاجِماً

وَبِالكَفِّ طَوعُ المِركَضَينِ كَتومُ

فَلَمّا دَنَت لِلماءِ هيماً تَعَجَّلَت

رَباعِيَةٌ لِلهادِياتِ قَدومُ

فَدَلَّت يَدَيها وَاِستَغاثَت بِبَردِهِ

عَلى ظَمَإٍ مِنها وَفيهِ جُمومُ

فَأَهوى بِمَفتوقِ الغِرارَينِ مُرهَفٍ

عَلَيهِ لُؤامُ الريشِ فَهوَ قَتومُ

فَأَنفَذَ حِضنَيها وَجالَ أَمامَها

طَميلٌ يُفَرّي الجَوفَ وَهوَ سَليمُ

فَوَلَّت وَوَلّى العَيرُ فيها كَأَنَّما

يُلَهَّبُ في آثارِهِنَّ ضَريمُ

وَغادَرَها تَكبو لِحُرِّ جَبينِها

كِلا مَنخِرَيها بِالنَجيعِ رَذومُ