نظرت وسهب من بوانة بيننا

نَظَرتُ وَسَهبٌ مِن بُوانَةَ بَينَنا

وَأَفيَحُ مِن رَوضِ الرُبابِ عَميقُ

إِلى ظُعُنٍ هاجَت عَلَيَّ صَبابَةً

لَهُنَّ بِأَعلى القُرنَتَينِ حَريقُ

فَقُلتُ خَليلَيَّ اُنظُرا اليَومَ نَظرَةً

لِعَهدِ الصِبا إِذ كُنتُ لَستُ أَفيقُ

إِلى بَقَرٍ فيهِنَّ لِلعَينِ مَنظَرٌ

وَمَلهىً لِمَن يَلهو بِهِنَّ أَنيقُ

رَعَينَ النَدى حَتّى إِذا وَقَدَ الحَصى

وَلَم يَبقَ مِن نَوءِ السِماكِ بُروقُ

تَصَدَّعَ فيهِ الحَيُّ وَاِنشَقَّتِ العَصا

كَذاكَ النَوى بَينَ الخَليطِ شَقوقُ

وَلَمّا رَأَيتُ الدارَ قَفراً تَبادَرَت

دُموعٌ لِلَومِ العاذِلاتِ سَبوقُ

فَظَلَّ غُرابُ البَينِ مُؤتَبِضَ النَسى

لَهُ في دِيارِ الجارَتَينِ نَعيقُ

خَليلَيَّ إِنّي لا يَزالُ تَروعُني

نَواعِبُ تَبدو بِالفِراقِ تَشوقُ

إِذا أَنا عَزَّيتُ الفُؤادَ عَنِ الصَبا

أَبَت عَبَراتٌ بِالدُموعِ تَفوقُ

وَأَغبَرَ وَرّادِ الثَنايا كَأَنَّهُ

إِذا اِشتَقَّ في جَوزِ الفَلاةِ فَليقُ

عَلَوتُ بِهَوجاءِ النَجاءِ شِمِلَّةٍ

بِها مِن عُلوبِ النِسعَتَينِ طُروقُ

خَطورٍ بِرَيّانِ العَسيبِ كَأَنَّهُ

إِهانُ عُذوقٍ فَوقَهُنَّ عُذوقُ

تَلُطُّ بِهِ الحاذَينَ طَوراً وَتارَةً

لَهُ خَلفَ أَثوابِ الرَديفِ بُروقُ

مُؤَتَّرَةِ الأَنساءِ مُعوَجَّةِ الشَوى

سَفينَةُ بَرٍّ بِالنَجاءِ دَفوقُ

أُمِرَّت لِقاحاً عَن حِيالٍ فَدِرصُها

لِشَهرَينِ في ماءِ الحُلاقِ غَريقُ

كَأَنّي كَسَوتُ الرَحلَ أَحقَبَ سَهوَقاً

أَطاعَ لَهُ في رامَتَينِ حَديقُ

يُطَرِّدُ عاناتٍ وَيَنفي جِحاشَها

كَما كانَ شُذّانَ البِكارِ فَتيقُ

أَضَرَّ بِهِ التَعداءُ حَتّى كَأَنَّهُ

مَنيحُ قِداحٍ في اليَدَينِ مَشيقُ

رَعَت بارِضَ الوَسمِيِّ حَتّى تَحَملَجَت

وَطُيِّرَ عَن أَقرابِهِنَّ عَقيقُ

كَأَنَّ نُسالاً في المَراغِ وَفَوقَهُ

شَماطيطُ سِربالٍ عَلَيهِ مَزيقُ

يُصادي ذَواتِ الضِغنِ مِنها بِثائِبٍ

مِنَ الشَدِّ مِلهابُ الحِضارِ فَتيقُ

قَطوفٌ شَحوجٌ بِاليَفاعِ كَأَنَّهُ

لِما رَدَّ لَحياهُ السَحيلَ خَنيقُ

دَؤولٌ إِذا ما اِستافَ مِنها مَصامَةً

لَهُ مِن ثَرى أَبوالِهِنَّ نَشيقُ

فَقَد لَصِقَت مِنها البُطونُ وَتارَةً

لَهُ حينَ يَستَولي بِهِنَّ نَهيقُ

رَأَيتُ سَنا بَرقٍ فَقُلتُ لِصاحِبي

بَعيدٌ بِفَلجٍ ما رَأَيتُ سَحيقُ

فَباتَ مُهِمّاً لي يُذَكِّرُني الهَوى

كَأَنّي لِبَرقٍ بِالحِجازِ صَديقُ

وَباتَ فُؤادي مُستَخَفّاً كَأَنَّهُ

خَوافي عُقابٍ بِالجَناحِ خَفوقُ

يُغَرِّدُ آناءَ النَهارِ كَأَنَّهُ

إِذا رَدَّ لَحياهُ السَحيلِ خَنيقُ

كَروفٌ إِذا ما اِستافَ مِنها مَصامَةً

لَهُ مِن ثَرى أَبوالِهِنَّ نَشوقُ

فَقَد لَحِقَ مِنهُ البَطنُ بِالصُلبِ غَيرَةً

لَهُ حينَ يَستَولي بِهِنَّ نَهيقُ