أرقت وطال الليل واعتادني خبلي

أرقتُ وطال الليلُ واعتادني خَبلي

وراجعني من داعيات الهوى شغلي

وبتَ بليل تحسَبنّ نُجومه

على الأَفق أَنضاءَ رواكدَ في وحلَ

أَظنُّ قديمَ الحبّ يبلى فما بلى

وأَحسب أَن الحبّ يُبْلي وما يُبلى

واذكر أيامَ الأحبّة بالحمي

ومرتبَع الحي الجميع بذي الأَتلِ

فابكي لذكري طيبِ عيش عهدته

بأهل هوى قد كان مجتمعِ الشملِ

لياليَ يكسونا الصّبا حُللَ الهوى

وأَيام نجْنى في الهوى ثمرَ الوصلِ

ومعشوقة الإدلال بالحسن والصّبا

مهفهفة الأَحشاءِ مفعمة الحِجلِ

لهوت بها ليلاً إخال سواده

يُلذُ بها أحلى لعينى من الكحلِ

إِذا شئتُ علّتني رُضاباً كأنّه

من الثَّغر ماءُ المزن شابَ جنى النّحلِ

وإن شئتَ أحيتني بكأس مدامة

على أنمل مخضوبةٍ وشَوّى طفلِ

عرتنا ملمّات الفراق فابعدت

ذوات الثنايا الغُر والحدقِ النُّجلِ

وشابَ سوادَ الرأس لونُ مشيبهِ

فحرّم لذّاتِ البطالة والهَزْلِ

ولم يبقَ لي في العيش إلاّ تِعلّة

أداري بهاً نفسي مداراةَ مَن مثلي

واسمح للقلب اللجوج بطاعة

على فعل ما يهوى أعاصي بها عقلي

ولولا ارتشافي للتصابي حلاوةً

لزمتُ بعصيان الهَوي طاعةَ العَذْلِ

ولكنَّني أعلقْت بالبيض صَبوة

سلكت بها سبل المحبّين من قبلي

وليس يُرَوّي القلبَ من ظمئِ الهوى

سوى الكاعب الحسناء في الدّل والشَكلِ

ولا يذهب الأحزانَ أو يجلب المنى

بغير ارتشاف الرّاح علاًّ على نهلِ

ولا يبلغ الحاجات أو يُدرك المُنى

بلا صحبةٍ لللّيل والبيد والبُزْلِ

إلى عرصات الأزْد من آل يعرب

محلَّ النّدى والعزّ والنائل الجزلِ

إلى سيديْ قحطانَ ذهلٍ ويعربٍ

ربيعيْ ذوي الحاجات في سنة المحلِ

كريمان شادَ اللهُ بيتَ عُلاهماً

على شرف فوق الكواكب مستعلي

وحَلاّهما الحمدَ الذي سعَيا لهُ

جميلاً وحازاه من المال والبذلِ

بنى لهما قحطانُ بيتاً يحوطه

من الأزْد صِيدٌ لا يُراعون بالقتلِ

مصاليتُ أبطال شداد أعزّةٌ

حماة كماة غير مِيل ولا عُزلِ

إذا انجدوا طالوا بعزّ ومنعهٍ

وإن أسهلوا كانوا الجبالَ على السّهلِ

ترى لهم حلماً وفضلاً على الرّضى

وإن أسخطوا داوَوا من الجهل بالجهلِ

تُنيل العطايا والمنايا أكفُّهم

فليس لها في بذل هاتين من بخلِ

حُماةُ حريمٍ كالعرين تُحلّه

أَسود شرىً في كل ثنى أبو شبلِ

إذا هيج أَبدى شدةَ البطشِ وانتحى

على السّاعد المجدول والجؤجؤ العَبلِ

لهم وَقعات في جموع تحفَّها

بهولٍ له تبيضّ ناصية الطفلِ

جموع كأن الأرض ترجف أَوبها

حريق إذا أجلين بالخيل والرَّجلِ

بدوّخ جباراً ويثبت عِزّة

ويدرك نيل الثأر أَو درك الذَّحلِ

هناك غدَت عين الموالي قَريرةً

بِها وثوت أم المعادي على الثُّكلِ

واكرمْ بفضل الأوس والخزرج الأولى

حَمَوا حوزَة الإسلام بالحقّ والعدلِ

أعزّوا رسول الله من جهل مشْركي

قريش وقد كانت مراجلهَا تغْلي

أَولئك أَنصار النّبيّ بِنصره

على قومه كانوا الحقيقين بالفضلِ

همُوا ورثوا المجدَ القديمَ واثبتوا

بفضلهم وحياً على أَلسن الرّسلِ

عَلوا بفروع شامخاتٍ وآثروا

فضائلَ يحْصَى دونها عددُ الرّملِ

سمت للعُلى أَشياخهم وكُهُولهُم

وللطّفلِ منهم في العُلى همّةُ الكَهلِ

غدوا بين فضليْ دفع راج إلى الغنى

كعادتهم أوفكِّ عانٍ من الكَبلِ

وكل عتيكيّ إِذا ماسألته

تبَلّج كالمصباح واهتَزّ كالنصلِ

أولئكمُ أَسلاف ذهل ويعربٍ

إذا ماذكَرنا قوم يعربَ أَو ذهلِ

فيالك من مجدٍ قديمٍ وحادثٍ

لأَشرف آباء وأطيب ما نسلِ

هُما اقتفيا آثارهم فاعلين مَا

همُ فعلوه حَذوك النّعلَ بالنّعلِ

فكانا أحقّ الوارثين لمجدهم

لفضلهمَا في القَوْل والطْبع والفعْلِ

قد استوجبا ميراثَ قومهما العُلى

وقد حَجبا من لا يُمرُّ ولا يُحلي

فعاشا مدى الأَيام ذُهل ويعربٌ

حميدين مسعودَين بالمال والأَهلِ

وعودات أَعياد الزّمان عليهما

بعيش جديد غير منصرم الحبلِ

وعاش بنو ذهل نُسرّ بعيشهم

ونبلغ فيهم ما نَلذ ونستحلي