فديتك قد حان وقت الصبوح

فديتُكَ قد حانَ وقتُ الصَّبوح

ولاحَ الصَّبَاحُ ولم تَحْضُرِ

وجاء الطُّهَاة بما عندَهمْ

وحَثَّ السُقاةُ على المُسْكرِ

ومُدَّ القُباطِيُّ فوقَ الخِوا

ن يلمعُ كالقمر المُزْهِرِ

وحان الصلاةُ على ابنِ الشهيد

فحيَّ على دفنِه تؤجَرِ

وفوق المِنَصَّةِ مجلوَّةٌ

علينا عرائسُ من كسكرِ

بناتُ المؤذن ذاك الذي

يؤذّن والصبحُ لم يُسفِرِ

سُبينَ وعُرِّينَ من بعد ما

ذُبحنَ فيا لكَ من منكرِ

فلما سُلبنَ الثيابَ أُبتلينَ

بسوداءَ موحشةِ المنظرِ

أصابعُها الحُجْنُ مسنونَةٌ

نواشبُ منهنَّ في المنحرِ

فزارتْ بهن سواءَ الجحيم

ترنَّحُ باللّهبِ المُسْعَرِ

فمصلوبةٌ سُمِّرتْ كفُّها

إِلى جِيدها وهي لم تَشْعُرِ

ومنقوبةُ البطنِ في جوفِهَا

كُراتٌ من الذهبِ الأحمرِ

وأُخرجنَ منها إلينا يُسَقْ

نَ سوقَ العُصاةِ إِلى المحشرِ

كأنَّ تماثيلَ كافورِه

تَضمَّخُ بالمِسْكِ والعنبرِ

لُجَيْنٌ إِذا قَشَرَتْهُ الأكُفُّ

وتبرٌ إِذا هي لم تُقْشَرِ

وقدَّمَ طبَّاخُنَا رُزَّةً

عليها لِثامٌ من السُّكَّرِ

بها احتجبَ البدرُ تحت الغَمام

فلم تَتَجلَّ ولم تُسْتَرِ

تَرى للدِّهانِ على وَجْهِهَا

عُيوناً تدورُ بلا مَحجِرِ

وسِرباً نواعِمَ مخلوقةً

من اللَّوزِ والسكّرِ العسكري

قريبانِ في مِئْزَرٍ واحدٍ

فلِله ما ضُمَّ في مِئْزَرِ

ثِقالُ المآزرِ قُبُّ البطو

نِ غيرُ سِمانٍ ولا ضُمَّرِ

كأنَّ الفواقِعَ قد فُصِّلَتْ

عليها جَلابيبُ لم تُزْرَرِ

تَراها لِرقَّةِ أبشارِهَا

تُخَبِّرُ عن حَشْوِها المُضْمَرِ

شَرِبْنَ من الدُّهْنِ حتى رَوِين

وغُرّقْنَ في لُجِّه الأخضرِ

كأنَّ َكواعب قد أُبرِزَتْ

من الخُلدِ تسبحُ في الكوْثرِ

صحائفُ في طَيِّهِنَّ النَّعِيمُ

لطائفُ صِيْنَتْ ولم تُنْشَرِ

تَدُلُّ بمنظَرِها المُجْتَلَى

على أنَّها حلوةُ المَخْبَرِ

تذوبُ إِذا رفعتَهْا الأكف

فُ قبلَ الوصولِ إِلى الحَنْجَرِ

فبادِرْ إلينا فدتْكَ النفوس

ولا تتوقفْ ولا تَفْتُرِ

وشاركْ صنائِعَك الأقدمِي

نَ في العزفِ والخَمْرِ والمَيْسِرِ