اركب إلى المجد أنضاء الأعاصير

اركبْ إلى المجدِ أنضاء الأعاصيرِ

وَجُبْ مع السَّعْد أحشْاءَ الدياجيرِ

ومُدَّ بالجودِ كفاً ربما وَسِعَتْ

مُلْكَ الأنامِ وتصريفَ المقادير

وَجَرِّدِ السيفَ مطروراً تصولُ به

يمينُ عزمٍ كحدِّ السيفِ مطرور

ذا رونقٍ لو نواتيه المُنَى لجرى

مَعَ السّماحِ على تلك الأسارير

وَنُبْ عن الدينِ والدنيا فقد برئا

إليك منْ كلِّ تقديمٍ وتأخير

أشبهتَ آباءَك الصيدَ الذين سَعَوا

في البأس والجودِ سَعْيا غيرَ مكفور

من كلِّ ذي أثر في كلِّ حادثةٍ

يسْمُو به كلُّ فخرٍ عنك مأثور

وذي جَنَابٍ متى تُلْمِمْ بجانبه

فاربعْ بسيناءَ واخلعْ جانبَ الطور

ترى الدنانيرَ تهمي من أكفهمُ

سحّاً وأوجههمْ مثلُ الدنانير

قومٌ إبادٌ أبوهم حين تَنْسِبُهُمْ

مجدٌ لعَمْرُ أبيهمْ غيرُ منزور

أكلما جَنَّ ليلٌ جُبْتُ غيهبه

بواضحٍ من سنا مرآك مشهور

أو لاح صبحٌ بدتْ سيماكَ باهرةً

بين البشائر منه والتباشير

في جُنْح كلِّ ظلامٍ لا تزودُ به

كُدْرُ القطا غيرَ نَجْثٍ بالمناقير

ترى الكواكبَ حَيْرَى في دُجَاهُ كما

جالتْ حَجَى الماء في خُضْرِ القوارير

وكل هاجرةٍ تَغْلي مراجلُها

كأنما مُصْطَلاها قلبُ موتور

يبيتُ حرباؤُهَا بالليلِ منتصباً

وإن أطلَّ فلم ينظرْ إلى النور

تحمى الشكائمُ في أشْدَاقها حَنَقاً

كأنَّما هيَ منه في التنانير

تعصي القنا وهي أدناها إلى كَرَمٍ

أثناءَ مُنْتَصِبٍ منها ومجرور

مهلاً فقد نِلْتَ في أمنٍ وفي دَعَةٍ

ما نال غيرُك في خَوْفٍ وتغرير

لك البسيطةُ تطويها وتنشرُهَا

عن مُقْتضَى كلِّ مطويٍّ وَمَنْشُور

والبحرُ مُضْطَرمُ الأمواجِ زاخرُها

ترى المعارفَ فيه كالمناكير

موْفٍ على النفسِ مستوفٍ حُشاشتها

يُصوِّرُ الموتَ فيها كلَّ تصوير

قُلْ ما بدا لك إلا في غواربه

تسمو بملْ عيون مثلها صور

طوْراً كما هزَّ من عطفيه ذو خَنَثٍ

ناغى الصّبابين تَنْزيف وتَفْتير

وتارةً مثلَ ما يهتاجُ مُخْتَبلُ

عالَ الأُسَى غِبَّ تعذيبٍ وتعذير

ركبتَه تَتَصدَّى الموجَ عن عُرُضٍ

على مباحٍ مِنَ الأهواء محظور

إذا طما مَوْجُهُ أو طمَّ قمتَ له

بمخبرٍ عنه في البأساءِ مخبور

وكلما اربدَّ يستشري نداكَ له

فَطَبَّقَ الأرضَ مسجورٌ كمسجور

كما تَخَلّلَ برقٌ عُرْضَ ساريةٍ

فلم يَزِدْهُ نَدَاها غيرَ تسعير

تراك كنتَ عَصا مُوسى براحتِهِ

أو كانَ عَزْمُكَ هوْلض النفخِ في الصور

تَسْمو بهمّكَ والأهوال ساميةٌ

وللردى ثَمَّ سهمٌ غير مغمور

بكرٌ عوانٌ فتاةٌ كهلةٌ ذَهَبَتْ

أُعْجُوبَةً بين تأنيثٍ وتذكير

حُبْلَى لها فَتَكاتٌ في أجِنّتها

على اقتدار لهم فيها وتكدير

واهاً لهم بين جَنْبَيْها وأنفسُهُمْ

تَجِيشُ بين التراقي والحناجير

كأنَّهمْ بين مَثْنَاها وَمَلْعَبها

ظنونُ حيرانَ أو أنْفَاسُ مَبْهُور

عامتْ وطارتْ وقالتْ للرِّياحِ ألاَ

عُوْجي على أثَري إن شئْتِ أو طيري

حتى تَرَقَّتْ مِنَ اللأْوَا إلى مَلِكٍ

مُؤَيَّدٍ منكَ في اللأَوْاءِ منصور