بكى المحب وأيدي الشوق تقلقه

بَكَى المحبُّ وَأيْدِي الشّوْقِ تُقْلِقُهُ

أصَابَهُ خَرَسٌ فالدمعُ مُنْطِقُهُ

ما عنده غيرُ قلبٍ ماتَ أكثرُهُ

وما تَبَقّى لهُ إلا تَعَلُّقه

وما كفاه الهوى حتى يُطالِبَهُ

دَهْرٌ إلى كلِّ سُلْوانٍ يُشَوِّقُه

دهرٌ يفوِّقُ نبلاً من كِنانَتِهِ

رمى بها جَلِداً ما زالَ يَرْشُقُه

مناقضٌ لم يَزَلْ شملي يُفَرِّقُهُ

وليت أن الأسى شملاً يُفَرِّقُه

بنتُ المروءةِ مني طالقٌ أبداً

إن لم أكُنْ بجميلِ الظنِّ أسبقُهُ

ثَكَلْتُ إن لم تكنْ تُعْزَى القناعةُ لي

فحرُّ وجْهِيَ ثوبٌ لستُ أُخْلِقُه

فَمَن لقلبي بتسكينٍ يُثَبّتُهُ

ومَنْ لجفني بتغميضٍ فأُطْبِقُه

لهفي على قَمَرٍ تَمَّتْ محاسِنُهُ

من جانبِ الأفُقِ الغربي مشْرِقه

إذا تَبَسَّمَ والظلماءُ عاكفةٌ

فالبرقُ من ثَغْرِهِ يبدو تأَلُّقُه

ليت الخيالَ الذي قد كانَ يَطْرُقُني

يكونُ لي بَدلاً منه أُعَنّقه

يا صاحبيَّ نداء من عليلكما

فقد تَناهَى بمثواهُ تشَوُّقُهُ

رُدُّوا إلى الجانبِ الغربيِّ عيسَهُمُ

عسَى نسيمُ الذي يَهْوى سَيَنْشُقُه

ما في الحياةِ لِنَفْسِي بَعْدَهُمْ طَمَعٌ

آهاً على حُسْنِ وجهٍ حالَ رَوْنَقُهُ

وفي أبي القاسمِ المأمولِ لي أمَلٌ

وَإنْ تَبَاعَدَ منّي سوفَ ألْحَقُه

وقد جرى في ضميري من إشارته

في جانبي وَقَبولي ما أُصَدِّقه

وإن لجأتُ إليه ليس يَطْرقني

هَمٌّ وَإنّيَ بالإيناسِ أطْرُقُه

من لم يزلْ بخلالٍ منهُ سادَ بها

لكلِّ قلب نأى عنه تُخَلّقُه

طَلْقٌ رأى في الدجى الأعمى مَحاسِنُه

وكلُّ أبْكَمَ بالإحْسَانِ يُنْطِقُه

تَخَلَّقَ المجدُ خلقاً فيه يُشْبِهُهُ

والدرُّ ماءٌ وفي ماءٍ تَخَلُّقُه

والسمت في طَبْعِهِ شيءٌ يعودُ به

إلى البيانِ الذي قد حانَ مَنْطِقُه

يا ناظرَ الدَّهْرِ أُنْظُرْ حُسْن أحْرُفِهِ

فسوف يُنسِبْكَ ما أبصرتَ مُهْرَقُه

فلا يكنْ أحدٌ يَرْقَى مكانَتَه

فما يُسَاوَى برأْسِ الطّوْدِ خَنْدَقُه

ما عندنا كبني حمدينَ في شرفٍ

لو كانَ نجماً لكانَ النجمُ يَعشَقُه

كواكبٌ في سماءِ العزِّ قد طَلَعَتْ

من السنَّا في شُعاعٍ لستُ أَرْمُقُهُ

أعلامُ علم وآدابٍٍ فكلُّ فتىً

منهمْ إذا ما جرى لأخَلْقَ يسبِقه

وفي أبي القاسم الأعْلى ولا فندٌ

سيادةٌ هِيَ تاجٌ وَهْوَ مَفْرِقُه

وإنَّهُ ابن أبيه في سياستهِ

وفي اكتسابِ معاليه تأنُّقُه

والفرعُ كالأصْلِ لفظٌ قد جرى مثلاً

وكالذِّراع إذا ما قِسْتَ مِرْفَقُه

فيا سراجَ بني حمدينَ دعوةَ مَنْ

أَصابَهُ وصبٌ مازالَ يطْرقه

بدا بأُفْقِكَ بَدرٌ منه قابَلَهُ

غيْمٌ منَ العُدْمِ يُخْفِيهِ ويَمْحَقُه

أهْدَى إليْكَ نفيسَ القولِ عِلْقُ عُلا

كالدرِّ يَنْظِمُهُ والمِسْكِ يَفْتُقُه

فانْظُرْ وَقِسْ وانتقدْ فالنَّقْدُ أنتَ له

وليس كالتّاجِ لابن المجدِ بُخْنُقَه

ودُم شِهاباً بأفْقِ السّعْدِ مُتَّقِداً

إذا رقى مُسْترِقُّ السمْعِ يَحرِقُه