تناصر الشيب في فوديه خذلان

تَناصُرُ الشيبِ في فَوْدَيْهِ خِذْلانُ

إنَّ الزيادةَ في النُّقْصان نُقْصانُ

لا تغْتَررْ بعيونٍ ينظرونَ بها

فإنما هيَ أحداقٌ وأجفانٌ

كمْ مُقْلَةٍ ذهبتْ في الغيِّ مذهبها

بنظرةٍ هي شانٌ أو لها شان

رهْنٌ بأضغاثِ أحلامٍ إذا هجعت

وربَّما حَلِمَتْ والمرءُ يقظان

فانظرْ بعقلكَ إن العينَ كاذبةٌ

واسمعْ بِحسّكَ إن السمعَ خوَّان

ولا تقُلْ كل ذي عينٍ له نَظرٌ

إن الرعاةَ تَرَى ما لا يرى الضان

دع الغنى لرجالٍ ينْصَبُونَ له

إنَّ الغِنَى لفضولِ الهمِّ مَيْدان

واخلعْ لَبُوسَكَ من شحٍّ ومن أملٍ

لا يقطعُ السيفُ إلا وهو عريان

وصاحبٍ لم أزلْ منه على خَطَرٍ

كأنَّني علمُ غيبٍ وهو حَسَّان

أغراهُ حظٌّ توَخّاه وأخطأني

أما درَى أن بعض الرِّزقِ حِرْمان

وَغَرَّه أنْ رآه قد تَقَدَّمَني

كما تَقَدَّمَ بسم الله عُنْوانُ

إني استجرتُ على ريبِ الزمان فتًى

إلا يكنْ ليثَ غابٍ فهو إنسان

حسبي بِعُلْيَا عليٍّ معقلٌ أشِبٌ

زمانُ سَيْري به في الأرض أزمان

صعبُ المراقي ولكنْ ربما سَهُلَتْ

على المُنى منه أوْطارٌ وأوطان

الواهبُ الخيلَ عِقْباناً مُسَوَّمَةً

لو سُوِّمتْ قبلها في الجوِّ عقبان

من كلِّ ساع أمامَ الريح يَقْدُمُها

منهُ مهاةٌ وإن شاءتْ فسرحان

دُجُنَّةٌ تصفُ الأنوارَ غُرَّتُها

وَنَبْعَةٌ يَدَّعي أعْطَافَها البانُ

عصا جَذِيمةَ إلا ما أُتيح لها

من أمرِ موسى فجاءَتْ وَهْيَ ثعبان

هيمٌ رواءٌ لو أن الماءَ صافحَها

لزالَ أو زلَّ عنها وهو ظمآن

يَكادُ يَخْلَقُ مُهْرَاقُ الدماءِ بها

فلا تَقُلْ هي أنْصَابٌ وأوثان

مَوْتَى فإن قَلِقَتْ أجفانُها علمتْ

أنَّ الدروعَ على الأبطالِ أكفانُ

نفسي فداؤكَ لا كفؤاً ولا ثمناً

ولو غدا المُشْتَري منها وكيوان

والتبرُ قد وَزَنُوه بالحديدِ فما

ساوَى ولكن مقاديرٌ وأوزان