هوى قاتل ينتابه الهجر والنوى

هوىً قاتلٌ ينتابُهُ الهجرُ والنَّوى

فقلْ أيَّ شيء قبلُ منها أُحاوِلُهْ

ومُغرىً بقتلي لحظُهُ مَشرَفيَّةٌ

يقيه الردَّى مُشْتَاقُهُ وهو قاتله

غزالٌ سقاهُ خَمْرَهُ الحسنُ فانْتشى

ومالَ دلالاً وازْدَهَتْهُ دلائله

أحَلّتْ دمي أحْكَامُهُ فأَسالَهُ

بلحظٍ ينالُ الشيءَ قَبْلَ يُحَاوِلُه

رشا عطَّلَتْ ما في الجفونِ جُفُونُهُ

وألقتْ على ما في الشَّمولِ شمائله

حياتي ومالي لا أقولُ وميتتي

شفاءُ غليلي ما حَوَتْهُ غلائله

ومن لي بغَرْثانِ الوشاحِ مُهَفْهَفٍ

يُجَاذِبُ عِطْفَيْهِ الصّبا ويُغازِله

فَسَلْني به أوْ سلهُ بي أيّ شادنٍ

لهُ سِمةٌ من دهرهِ لا تُزَايله

وحسبي به مهما تجافى وإن جَفَا

وزيرٌ أدَلَّتْني عليه فضائله

مِحَشُّ حروبٍ حِلْف كلِّ تَنُوفةٍ

قَنَاهُ بها مَنْصُوبةٌ وَقَنابِلُهْ

بني بَيْتَهُ في الحربِ مُشْتَجِرُ القَنَا

وبيضُ الظُّبا ما بينهنَّ جداوله

ينيرُ هلالاً في دُجى هَبواتِنَا

فتطلعُ شُهباً في سَمَاها ذَوَابِلُهُ

يسلُّ من العزمِ المُؤَيَّدِ صارماً

يودُّ القَضا أنْ لو غدا وهو حامله

ملاذاُ لملهوفٍ وأمناً لخائفٍ

وعصمةَ جانٍ أوْبَقَتْهُ أباطله

بنى مَجْدَهُ حَرْساً وبأسْاً ونائلاً

ولم يُلْهِهِ ما شَيَّدَتْهُ أوَائِله

كذا فليكنْ بانيه لا كَمَنِ اغْتَدَى

يخادِعُهُ عنْ مِثْلِهِ ويخاتله

إليهِ حَدَتْ بي أو سمتْ بيَ هِمَّةٌ

على رغم دهرٍ أُغْرِيَتْ بي غوائله

زمانيْ غشومٌ لا يُغِبُّ ولا يَنِي

ذُنُوبي إليه أنّني لا أُشَاكِله

أُعلّمُ نفسي العلمَ عنه وربما

تجاهلتُ حتى ظَنَّ أنِّيَ جَاهِلُه

فواهاً لهُ ماذا الذي هُوَ صانعٌ

ويا ليتَ شِعْرِي ما الذي هُوَ فَاعِلُه

وقد عَلِقَتْ كفّي بأروعَ

ماجدٍ وسائِلُهُ مبثوثةٌ وَوَصائِله

حسامٌ بكفِّ العزم طابَعُهُ الرّدى

وشاحِذُهُ الأقلامُ والنصرُ صاقله

تُبَاهي به حُمْرُ المنايا وسودُها

ويُزْهَى فَخاراً جَفْنُهُ وحمائله

فعدِّ عن البرقِ اليمانيْ وَشِبْهِهِ

وشمْ منه برقاً لا تخونُ مخايله

زعيمٌ مليٌّ بالأماني وغيرِها

وإن رَغِمَتْ حُسَّادُهُ وعواذله

وحدِّثْ عن البحرِ الذي هو كَوْثَرٌ

تَغارُ عليه أو تُغيرُ سواحله

إذا ما نَوَاهُ في المهمَّاتِ آملٌ

فقدْ نَجَحَتْ أسْبابُهُ ووسائله

ومُذْ قَدِمَتْ أضيافه ووفوده

فقد سَقِمَتْ أموالُهُ ومراجله

بعيدٌ من الزَّهْوِ المتَبّرِ في الورى

وإنْ زُهِيَتْ نُزَّالُهُ ومَنَازلَهُ

مآثرُ جَلَّتْ أن يحيطَ بِوصْفِها

مقالاً فما هذا الذي أنا ناقله

لعلَّكَ تُصْغي يا ابنَ زُهْرٍ على النَّوى

فقد آنَ يَقْضي ساهمُ الوَجْهِ ناحِلُه

عليلٌ رأى الشّكْوى إليكَ شفاءَهُ

وأيقنَ أن الكَتْمَ لا شكَّ قاتله

بقيَّةَ دهرٍ طالما عَبَثَتْ به

يدُ السقم حتى ليس يَمْثُلُ ماثله

رَأى البُرْءَ في كفّيْكَ ملءَ جفونه

وقد رَجَفَتْ أشْجَانُهُ وبلابله

ويهنيك بلْ يهني زمانَكَ أوْبَةٌ

أنارتْ لها أسْحَارُهُ وأصائله

زمانٌ كريعانِ الشّبابِ وَحُسْنِهِ

ألا ليتَ ذاكَ الدهرَ تُثْنَى أوائله

تَضَوَّعَ منها الأُفْقُ شَرْقاً ومغرباً

وفاحَ فَقُلْنَا مسكُ دارينَ شامله