تنعمت في الأضحى بإحظى من الفطر

تَنَعَّمْتَ فِي الأضحَى بِإحظى مِنَ الفطرِ

كَذاكَ تَرَى حَالَيكَ في أطوَلِ العُمرِ

تُودّعُ مَا استَدبَرتَ لاَ عَنْ مَلالَةٍ

وتَصحَبُ مَا استَقْبَلْتَ مُنشَرِحً الصَّدرِ

وَتُبدِي لَكَ الأيَّامُ مَا بَعدَ عَشرِهَا

كَعَاشِرِ يَومِ في الطَّلاقَةِ وَالبِشرِ

فَمِنهَا تُهَنَّى بِاتِّصالِ جَديدِهَا

وَمِنكَ تُهَنَّى بِالأمَانِ من العُسرِ

وَمَا رَاقَتِ الأيَّامُ لَو لَمْ تَكُنْ بِهَا

فَكَونُكَ فِيهَا العِيدُ في سَائِرِ الدَّهْرِ

وَلَولاَ اتِّباعُ الدّينِ لَمْ يَدْرِ حَاضِرُ

زَمَانِكَ أنَّ العِيدَ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ

فَإنْ عَنْ مِنّى شَطُّوا فمنزِلُك النَّوى

وَتِلكَ اللُّهى تَرمِي بِهَا بُدُنُ النَّحرِ

ومَا في استِوا الأيَّامِ فِي الطِّيبِ بِدْعَةٌ

كَأيامِ عِيسى وهْوَ مِنكَ عَلَى ذِكرِ

يَمينُكَ قَد ألبَستَهَا الأمنَ ضافِياً

وقَصرّتَهَا وهيَ الطِّوالُ عَنِ الحَصرِ

تَسُرُّكَ سَرَّاهَا فَإنْ لاَحَ لاَئِحٌ

مِنَ الضُرّ فِيهَا كُنْتَ حَرباً عَلَى الضُرِّ

بِرأيٍ إذا مَا الخَطبُ أظلَمَ لَيلُهُ

تَطلَّعُ مِنْ تِلقَائهِ صَادِقُ الفَجرِ

وعَدلٍ يَعُمُّ العَفَّ والبَرَّ ظِلُّهُ

ويَصْلِي حَلِيفَ الحَيفِ مِنهُ بِلاَ جَمرِ

وحِلمٍ تَزولُ الرَّاسياتُ وطَودُهُ

كَمَا هُوَ لاَ يُصغِي لِساعٍ ولاَ مُغرِي

وَبَسْطِ نَوَالٍ فِيهِ سَوَّيْتَ مَنْ دَنَا

وَذا النَأيِ وَالكَاسِي النَّبيهَ وذا الطِّمرِ

وأقْرَضْتَ وَجهَ اللهِ فِيهِ تَحَنُّناً

عَلَى خَلقِهِ قَرضاً يُلاقِيكَ فِي الحَشرِ

وَقَفْتَ وقَدْ مَرَّتْ بِكَ الحَالُ مَرَّةً

بِأحوَالِ مَليَانَ عَلَى شَاطيءِ النَّهْرِ

فَعَايَنْتَ فِي ذاكَ المَجَالِ مَدَاحِضاً

قَرِيباً لِمَنْ يَمشي بِهِ نَازِحُ الغَورِ

فَمِنْ جَمَلٍ يَهوي عَلَى أمّ رَأسِهِ

وَمِنْ فَرَسٍ يَنْحَطُّ بَطْناً عَلَى ظَهرِ

وَمِنْ ذِي حِمَارٍ ضَاعَ قُوتُ صِغَارِهِ

وَوَلَّى وَقَدْ أشفَى الحِمَارُ عَلَى الكَسرِ

فأيقَظْتَ عَزماً لَمْ يَكُنْ قَبلُ نَائِماً

وَأصْحَيتَ حَزماً لم يَكُنْ قَبلُ في سُكْرِ

وخَلَّصْتَ مَا بَينَ السَّلامَةِ وَالرَّدَى

بِجِسرٍ بَديعِ الوَضْعِ يَالَكَ مِنْ جِسرِ

إذا وَصَلَ التَّيَّارُ ظِلَّ فِنائِهِ

عَلَتهُ سُيُوفٌ مِنهُ سَلَّتْ مِنَ الصَّخرِ

وَألقَتْ عَلَى الأنحَاءِ أفلاَذَ بَطنِهِ

وَقَالَتْ لَهُ هَذا الجَزَاءُ عَلَى الجَورِ

تَمُدُّ لَهُ حَتَّى تُفَرِّقَ جَمعَهُ

وَهِيَ صَموتٌ وهوَ يَحمِلُ في زأرِ

عَلَى أنَّهَا خَمْسٌ لَوَتْ بِخَميسِهِ

عَلَى أنَّهُ الجَرَّارُ فِي وَاسِعِ القَفْرِ

قَوائِمُ قَامَتْ مِثلَ خُودٍ تَعَانَقَتْ

لِتَرقُصَ أوْ تَأتي لِوَعدٍ عَلى قَدرِ

وصَاغَتْ مِنَ الإبرِيزِ مَنظُومَ تَاجِهَا

تَرُوقُكَ حَتَّى لاَ تَرَى كَاعتِدالِهَا

وَمَلبَسِهَا المَرقُومِ بِالبيضِ في الصَّفرِ

وَأعْجَبُ مِنْ ذا أنَّ مَليانَ كُلَّهُ

تَصَبَّبَ في أجوَافِهَا وهيَ لاَ تَدرِي

فَأصبَحَ مِنْ تِلكَ المَهَالِكِ مَلجَأً

يَلُوذُ بِهِ السّاَعُونَ فِي القرّوالحَر

وبَرَّأتهُ مِنْ وَصمَةِ الظُّلْمِ جَاعِلاً

بَرَاءَتَهُ فِيمَا تَوَخَّيْتَ مِنْ الأجرِ

فلا حجَر إلا وأعْجلتَ حقهُ

ولا عامل إلا وأحكمتَ في الأجْرِ

كَذاكَ يَكونُ المُلكُ أولَى فَإنَّمَا

العَصرِ

وأنتَ الَّذي سَابقتهم فسبقتهم

عَلى أنَّكَ المذكور فِي آخر الدهر

وفَكَّرت بعدَ الملك في كسب خصلة

تزيدك اعلاء ولم ترض بِالنَّزرِ

وألفَيتَ مَيتَ العلم للملك ثانيا

فألحقته من ثوب عمرك بالسطرِ

وجاَرَيت َفِي مَيدانِهِ كُلَّ فَارِسٍ

بَصيرٍ بِمَا يَأتي مِنَ المَدّ والجَزرِ

وخاَطَبتَ مِنهُمْ حَلَبَةَ السبقِ فانثَنتْ

وكُنتَ المُجَلَّى بَينَ فُرسَانِهَا العَشرِ

وكَمْ طَيَّرتْ مِنْ مُمكِنِ البَحثِ نُكتَةً

بَعَثْتَ لَهَا مِنْ سِربِ فَهمِكَ بِالنَصرِ

فَمَرَّتْ إلَى ذاتِ اليَمينِ فَرَدَّهَا

تُصِرُّ إلى ذَاتِ الشِّمَالِ عَلَى الفَورِ

فَمَا هُوَ إلاَّ أنْ عَلاهَا فَأخلدَتْ

إلى الأرضِ مِنْ قَبلِ الدُّنُوّ مِنَ الوكرِ

ومَا فَتَنَ الألبَابَ مِثلُكَ نَاطِقاً

بِأسهَلِ ألفَاظٍ عَلَى المَطلَبِ الوَعْرِ

وَقَتكَ أذَى المِعيَانِ في ذاكَ حُبسَةٌ

تَرُدُّ عَلَى أعضَائِهِ شَهقَة المَكرِ

وَعَوَّضْتَ مِنهَا في جَنَانِكَ فُسحَةً

يَغِيبُ بِهَا مَا فِي الحَضيضِ إلى النَّسرِ

وَسِعَتْ بِهَا تأمِيلَ كُلَ مؤَمِّلٍ

وآوَيتَ في أكنَافِهَا كُلَّ ذي ذُعرِ

ومَا ضَرَّ أنْ كَانَتْ بِجُودِكَ آيَةً

كَمَا أنَّ غَيمَ الجَوِّ مِنْ آيَةِ القَطرِ

إذا مَا شَفَعْتَ المِيمَ أتبَعَتَ مِنحَةً

اوِ البَاءَ جَاءَ البِرُّ مِنكَ عَلَى الإثرِ

ولَولا الحَيَا والعِلْمُ أنَّكَ صَالِحٌ

لَقُلنَا بِفِيكَ العَذْبِ فأفَأةُ السِّحرِ

وفِيكَ وفِيهَا رَحمَةٌ حِينَ يَنْزَوي

أمَامَكَ ذُو ذَنبٍ أوِ الطَّالِبُ البِرُ

فَيَأخذ هّذا عَن عِتابِكَ مُهلَةً

ويُطنِبُ ذاَ فِيمَا يقُودُكَ لِلأجرِ

وإنْ زِدتَ فِيهَا عِندَ ذاكَ تَبَسُّماً

فتِلك لَعَمْرُ اللهِ مَنقَبَةُ الفَخرِ

كَذَلِكَ فَلِنعَتْكَ مَنْ كَان مُغرَماً

بِحُبِكَ ولِيصدَعْ بِمَا فِيكَ مِنْ سِرَ

صَدَعْتُ بِذا إذ قُلتَ صِفنِي ولاَ تَمِلْ

عَنِ الصدْقِ إنْ الصّدْقَ أجمَلُ بِالحُرّ

فَجَاءَ كَمَا جَاءَ الأمَانُ لِخَائِفٍ

وإلاَ كَمَا سَاحَتْ مَهَاةٌ مِنَ الخِدرِ

مَديحٌ إذا كَنَّيتُ فيهِ فَرُبَّمَا

تَوَقَّفَ في تَصديقِهِ جامِدُ الفِكرِ

ولَكِنْ إذا قُلنَا عَلِيٌ تَرَنَّحَتْ

قُلُوبُ الوَرَى شَوقاً إلى ذَلِكَ الذّكْرِ

أيا ابنْ حُسَينٍ والمَلاحَةُ كَاسْمِهَا

بَلَغْتُ المُنى لَمَّا مَدَحْتُكَ فِي شِعري

لِمَا أنَّ لِي في وَزنِ شِعرِكَ نَهمَةً

وإنْ كُنتَ في المِيزانِ أعْلى مِنَ الشُّكرِ

فَكُنْ في أمَانِ اللهِ تَمنَعُ مِنْ رَدَى

وتَستَأصِل الأعدَا وتَمرَحُ في الخَيرِ