هو العز في سمر القنا والقواضب

هُوَ الْعِز في سُمْرِ الْقَنَا والْقَواضِبِ

وَإلاَّ فَمَا تُغْنِي صدور الْمَرَاتِبِ

وَسِيَّانِ أغْمَار الرِّجَالِ وصِيدهَا

إذا لَمْ يُمَيَّزْ فَضْلُهَا بِالتَّجَارِبِ

وَمَنْ زَاحَمَ الأخْطَارَ أحْمَدَ غبَّهَا

فَإمّا لِظَفْرٍ أوْ لِدَفْعِ الْمعَاتِبِ

وَلَوْ كَانَ إحْرَاز الفْضَائلِ هَيِّناً

لَسَادَ بِمَحْضِ الْقَولِ مَنْ لَمْ يُضَارِبِ

وَمَنْ عَرَفَ الأيَّامَ قَصّ غرِيبَهَا

وَفِي قِصَصِ الْبَاشَا عُيُونُ الْغَرَائِبِ

هُوَ الْمَلِك الدَّاعِي إلىَ الْحَقُ وَحْدَه

وَإنْ كَثُرَتْ أهْل الدَّعَاوى الْكَوَاذِبِ

أخُو الْعَزَمَاتِ الغُر ّلَوْ قارع السُّهَا

لأصْمَى بِسَهْم ٍحيث يَمَّمَ صَائِبِ

جَرِيُّ جَنَانٍ ليس يَنْفَكُّ نَاهِضاً

إذَا هَمَّ أوْ يَبْتَز أسْنَى الْمَطَالِبِ

يَرَى فلتاتِ الدَّهْرِ قبل نُزُولِهَا

وَيَعْلَم ما فِي الصّدْرِ قبل التَّخَاطُبِ

مَلاَذ بَنِي الهَيْجَا وَبَرْد وجُوهِهِمْ

إذَا مًا كَوَاهُمْ حَرُّهَا بِالْمَشَاهِبِ

وَمَنْ مِثْلُه يُدعَى لِكَشْفِ مُلمَّة

إذَا قَالَ وَاغَوْثَاه أهْل الْمَصَائبِ

دَعَتْه جِبَال الزَّابِ لَمَّا تَبَسَّطَتْ

يَد الظُّلْمِ فِي أوْسَاطِهَا والْجَوَانِبِ

مَكَان سَحِيقٌ يَفْزَع الصَّبْر دونَه

وَأيْنَ مِنَ الخضراءِ خُضْر الزَّرَائِبِ

شَكَتْ قَائِم الأعْشاشِ أقْوامَ غِلْظَةٍ

وبَأسٍ شديد بالخليقة واصِبِ

يَجوُرونَ فِي الأمْوالِ والبُضْعِ وَالِّدمَا

فَهُمْ بَيْنَ سَفَّاكٍ زَنِيمٍ وَنَاهِبِ

وَقَدْ جَرَّعُوا الأقْيَالَ فِي الحرب غُصةً

لَوَتْ بِصَيَاصِي تُركِهِمْ والأعَارِبِ

كَمَا رَفَعُوا رَأساً لَهُمْ بعد وَقْعَة

أشَابَتْ بِفَجّ القِيلِ سُودَ الذَّوَائِبِ

فَما خَيَّبَ الدَّاعِي وَحُقَ لِمَنْ سَعَى

لِطَلْعَتِهِ أنْ يَنثَنِي غَيرَ خَائِبِ

وَهَشَّ لِدَفْعِ الضَّيْمِ أوَّلَ وَهْلَةٍ

هَشَاشَةَ مَنْ يُدْعَى لأخْذِ الرَّغَائِبِ

وَأعْرَضَ عَمَّا جَاعَلُوه لِنَصرِهِمْ

وقالَ جنَاب الله أوَّل وَاجِبٍ

وَوَقَّعَ فِي طَيّ الرّيَاحِ إلَيْهم

أنَا عَبْدكُمْ وَالْحَين أخْبَث صَاحِبِ

وَ نَادَى فَلَبَّته الدَّوَاعِي وَأبطَأتْ

نَعَمْ رَيثَما خَطَّتْ كِتَابَ الْكَتَائِبِ

وَحَشْحَشَها جُرْداً تُخُيّرْنَ لِلنَّوَى

وَكُومَ ذرِّي مَعْدودَةً لِلنَّوائِبِ

فَوَافَتْ إلى بِئرِينَ أوَّلِ مَنْزِل

وَمِنْ بَعْدِ تِسعٍ حَلَّقَتْ بِالْهَوارِبِ

وَهَبَّتْ عَلَى الرَّخماتِ يَعْلُو صَهيِلُهَا

وَصَارَتْ لخَمْسٍ فِي مِيَاهِ الْمَراطِبِ

إذَا مَا سَحَتْ أيْمَانُهَا نَحْوَ قُوَّةٍ

أبَانَتْ بأنَّ الْقَصدَ نَحْوَ الْمَغَارِبِ

وَلاقَتْ إلَى عباس بَرْداً مُبَرّحاً

وَدَارَتْ عَشِياًّ فَوْقَ أمّ الْمَنَاصِبِ

إلَى عُقْلَةِ الحرشان ثمَّةَ أورْدَتْ

بتيتة تُذْرِي التُّرْبَ إيرَادَ طَارِبِ

وَقَد تَرَكَتْ زَارِيفَ خَلْفاً وَأسْنَدَتْ

إلَى غَائِرِ البِئْرِ اجْتِنَابَ الْمَجانِبِ

وَمَرَّتْ على نَقْرِينَ يهْتَزُ مَتْنُهَا

إلى غَيصَرَان بَيْنَ حَادٍ وَجَاذِبِ

وَصَحَتْ لهَا الأخبَار في بَطْنِ جَارِشٍ

فَفَرَّتْ وكَرَّتْ في فَسِيحِ الْمَلاعِبِ

ولمْ يَبدْ في وَازَازِنٍ ضَوْء نَارِهَا

وَباتَتْ عيُون القَومِ حَولَ الْمَضَارِبِ

وفِي جُنْحِ لَيلٍ أدْلَجَتْ مُسْتَعِدَّةً

تُرَاقِب مُجْريهِ بِعَينِ المْرَاقِبِ

تَسِير على ضَوْءٍ لَهَا مُستَنِيرَةً

ومُظْلِمَةً دونَ الظَّلُوم المُشاغِبِ

ولو خَفيِتْ أعدَادُهَا عَنْ عِداتِهَا

لما غَالَطُوا إذْ أوقَدوا نارَ كَاذِبِ

فَمَنْ غَرَّهُمْ أنَّ الدَّوَاهِي تَفُوقُهُمْ

إذا أوْقَدوا بالليل نَارَ الحُبَاحِبِ

يَظُنُّونَ أنَّ المَكْرَ يَحْمِي ظُهُورَهُمْ

كما كَان قَبْلاً فِي السِّنِينِ السَّوائِبِ

فمَا أصْبَحَتْ إلاّ رسُومُ ديَارِهِمْ

وليس عَلَيْهَا غَيْرُ نَاعٍ وَناعِبِ

وقَدْ طَار سِربُ الخيلِ فِي أخرْياتِهمْ

يَردُّ عَلَى أعقْابِهِ كُلَّ سَارِبِ

وَسَلَّ الْبَلاَ مِنْ سَيِفِهِ كُلَّ مُغْمَدٍ

وسَال عَلَيهمْ بِالرَّدَى سُدُّ مَأرَبِ

تَرَى الخَيْلَ فِي آثَارِهمْ مُسْتَطيرةً

سَحَائِب حَتْفٍ أردِفَتْ بِسَحَائِبِ

وَسَدَّتْ سَبِيلَ الفَلّ منْ كُلُ فَدْفَدٍ

وضاقتْ عَلَيْهِمْ وَاسِعات المَسَارِبِ

فمَا ارتَفَعَتْ شمسْ الضُحَى قَيْدَ رمْحِهِمْ

عَنِ الأفْقِ حتى أُنْشِبوا في المَخَالِبِ

وأبْقَوا كَحِيلاَهُمْ تَخُور فِصَالُهَا

لِطَعْنٍ يُزِيل القَلْبَ مِنْ كُلّ قَالِبِ

فَسَائِلْ عُرَيْشَ المَهْرِ عمّ تَقَشَّعَتْ

سَحَائبُ ذاكَ العِثيَرِ المُتَرَاكِبِ

لأمْرٍ أضَلُّوا أمْرَهُمْ عَنْ طرِيقِهِ

وَصَدُّوا جَميِعاًعَنْ دِفاعِ الْكَوَاعِبِ

لَقَدْ تَرَكُوهُنَّ الْغَداةَ بِمَهْمَه

يُخَبينَ مْعسُولَ اللَّمَا بالعَصائِبِ

وَغَيَّرنَ حُسْنَّا لَيْسَ يخْفَى مَكَانُه

بِتتَريبِ مَا بَينَ اللِحَى وَالحَوَاجِبِ

لئن خِفْنَ يا مَولَى الْحِفَاظِ فَضيِحَةً

فَجَيشُكَ فِي كَشْفِ الغطَا غَيْرُ رَاغبِ

وَمَنْ أنْتَ مَخدومٌ لًه كَيْفَ يَقْتَفِي

وَوَجْهُكَ مِرْآةٌ سَبْيِلَ الْمَثَالِبِ

تَعَلَّمَ مِنْكَ النَّاسُ فِي السِّلْمِ عِفَّةً

وفِي مُلْتَقى الأبْطَالِ كَبْتَ الْمَواكِبِ

وَفَلَّقْتَ هَامَ المُجرِمِينَ جَميِعَهَا

وَعَفَّرْتَهَا فِي غَورِهَا والشَّنَاخِبِ

وقَدْ شَاهَدوا عنْدَ النِّزَالِ كَرَامَةً

بِأنَّكَ عَنْ عينِ الرّضى غيْرُ غَائِبِ

أمَا صَلّدَتْ أزنَادهُمْ عِنْدَ قَدْحِهَا

وَهَلْ طَاوَعَتْ أسيَافُهَمْ كَفَّ سَاحِبِ

وَإنْ أفْلَتَ الغُوَّارُ مِنْ بأس هَذهِ

فإمَّا لأخْرى أوْ لِنَوْحِ النَّوائِبِ

أيُفْلِت مَطْلُوبٌ بِكُلِّ نَقيِضَة

وَفِي جِيدِهِ وَالسَّاقِ غُلُّ المُطَالِبِ

وَإنْ أخَّرَ الصَّفْراءَ شَكْوَى سُيُوفِهِم

فَقَدْ قَضَتِ الزَّرْقَاءُ كُلَّ المَآرِبِ

وَوَلَّتْ إلَى مَاءِ الصَّفيِحَةِ تَرتَمي

بِمَاءِ أبِي دخان بُحْر الْحَقَائِبِ

وَقَدْ عَايَنَتْ مُلطَانَة جدَّ سَيْرِهَا

لِتَطْوِي لأمّ النَّاسِ ذَيْلَ السَّباسِبِ

مِنْ المحرسِ امْتَدَّتْ إلى الشمس شُرَّعاً

لِنَفْطَةَ كي تَنفِي غُبارَ المَتَاعِبِ

فَمَا جَرَّدَتْ في نَفْطَة ثَوبَ فَاترٍ

من الأيْنِ حتى بَرَّدَتْ ثَوبَ وَاثِبِ

ومَا شَطَحَتْ إلاَّ لإيمَاءِ بَارِقٍ

يَبِين على سُوفٍ كإيمَاءِ حَاجِبٍ

وَقِيلَ لَهَا مغْزَاكِ سُوفٌ وَرِيغُهَا

وَنَيلْكِ إمَّا الْفَخْرَ أوْ دَرْكَ هَارِبِ

فَقَالَتْ حَرَامٌ أنْ يَقُودَ لِهَذِهِ

نَواَصِيَّ إلاَّ غَالِبٌ وابْنُ غَالِب

تُرِيدُ سُلَيمَانَ الْمُوَفَّقَ لِلْهُدى

وَكَيْدِ الْعِدَا عِنْدَ اصطِكَاكِ القَوَاضِبِ

فَيَا خَيْرَ مَوْلُودٍ وَيَا فَخْرَ وَالِدٍ

يَنُوبُ لَهُ مِنْ فَرعِهِ خَيْرُ نَائِب

فَأسرَجَهَا صُبْحاً وَذَاقَتْ عَشِيَّةً

مُوَيْهَةَ سُلْطَانٍ كَرِيه المَشَارِبِ

وَعَبَّا المَنَايا في الْحَوَايَا وأدْلَجَتْ

ورَاءَ عِتَاقِ الخَيل قُودُ النَّجَائِبِ

وَقَدْ زَاحَفَتْ نَحْوَ الْعِدَى بِسِلاحِهَا

تُشَوّلُهَا تُشْوالَ سُودِ الْعَقَارِبِ

وَمَرَّ سُحَيْراً قَاطِعاً جَوْفَ نَخْلَةٍ

لِبِئْرِ حُنَيشٍ مُقْبِلاً غَيْرَ هَائِبِ

فَلاقَى عَبِيداً في حِمَاها فَدَاسَها

وَخَلَّفَهَا تُصْغِي لِصَوْتِ النَّوَاعِبِ

وَقَامَ يُسَقِّي الْجَيشَ مِن قُلّ مَائِهِ

وَلَوْلاَهُ لَمْ تَبْتَلَّ من حَلْقٍ شَارِبِ

وَمَالَ إلَى بِئرِ الأُبَيْرِصِ بعْدَمَا

تَرَشَّفَ من أرْيَاطَ بَعْضُ النَّوَاصِبِ

وَمَا بَانَ عَنْ حَسْيِ الذَّئِيَلةِ ساعَةً

مِنَ اليَومِ حتى بَانَ وَجْهُ الْمَعَاطِبِ

وَطَبَّقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَأرْضِهَا

صَوَامِعُ بِيض أوْ مَحَارِيبُ رَاهِبِ

وَمَا هُوَ إلاَّ الْبَحْرُ يَرمِي بِمَوجِهِ

عَلى الأرضِ إلاَّ أنَّهُ غَيرُ ذَائِبِ

وَأشْكَلَ وَجْهُ الْسَّيْرِ بَينَ تُلولِهِ

أفَوقَ مُتُونِ الْخَيْلِ أو في القَوَارِبِ

فَخَفَّت إلى أغْوَارِهِ كُلُّ ضَامِرٍ

وَزَفَّتْ إلى أنجَادِهِ كُلُّ شَاحِبِ

عَجِيباً لَهَا تَبدو وَتَخْفَى وإنَّمَا

تَسِيرُ عَلَى الحَالَينِ سَيْرَ الذَّوائِبِ

إذا كَبكَبَتْ فِي الرَّملِ سَاخَتْ كَأنَّمَا

تُجَاذِبُهَا من تَحْتِ أيْدي الجَواذِبِ

فَدَى فاَرِس الخَضْراء من كُلّ طَارِق

عُيُونٌ قِيامٌ في بُيُوتِ الْحبَائِبِ

لَقَدْ ضَاعَ مَا بَينَ الدُّرَيْمِنِ نَومُهُ

وَغَمَّرَةٍ يَسرِي عَلَى غَيْرِ لاَحِبِ

تَؤُمُ بِهِ الْخَضْرَاء في التِّيه مَرَّةً

وَتَأتَمُّ طَوراً بِالنُّجُومِ الثَّواقِبِ

وَأطْلَقَ مِن بِئرِ الصَّنيشِ عِنانَهُ

إلى قُربِ وَادي الجِدْرِ أبْعَدِ جَانِبِ

وَبَدَّدَ مَا بَينَ النُّعَمياتِ ثُلَّةً

تَوَارَتْ فَفَاتَتْ قَبْلَ فَرْعِ الْمرَازِبِ

أغَارَتْ عَلى الغُوَّارِ إذْذاكَ غَارَةً

فلم تُبقِ منْ شُبَّانِهِ غَيْرَ شَائِبِ

وَأورَدَهُمْ عَينَ المَمَاتِ فَأنْهَلُوا

وأصْدَرَ عَنْ هَولٍ كَثِيرِ العَجائِبِ

ألاَ بِأبي ذاكَ الوَجِيهَ وَصَبْرَهُ

على مَا جَرى من مِحْنَةٍ وَمَشَاغِبِ

وَأوْلى الوَرَى بِالحَمدِ وَالشُّكرِ سَيِّدٌ

يُلاقِيكَ بِالتَّرحَابِ وَقْتَ التَّغَاضُبِ

وَوافَى قمَاراً وًالنَّواحِي فأشرْقَتْ

وَدانَتْ لِوَجهٍ مِن كِرامٍ أطَائِبِ

لهمَّةِ مَولاَنَا الأمِيرِ وَحزمِه

جَرى مَا جَرى مِنْ أنْعُمٍ وَمَواَهِبِ

فَيَا أيُّها الْمَولى الذي طَارَ صِيتُهُ

فَزَاحَمَ أقْطَارَ السَّمَا بِالْمنَاكِبِ

غَدَتْ بِكَ أجنَاسُ الْفَجُورِ شَقِيةً

حَيَاةً وَفِي أجدْاثِها وَالتَّرائِبِ

وَدَوَّخْتَ أرضاً لَمْ يَطَأهَا بِجَيشِهِ

زَعيمٌ وَلاَ وَهْمُ الْمُلُوكِ الذَّوَهِبِ

وَشرَّدْتَ أحْلافَ الفَلاَ عَنْ دِيارِهِمْ

فَرَاحُوا عَلَى الْعَمْيَا بِشَرّ المَذاهِبِ

فَهَلْ بَاتَ جَفْنٌ مِنْهُمُ غَيْرَ سَاهِرِ

وَهَلْ صَارَ قَلْبٌ مِنْهُمُ غَيْرَ وَاجِبِ

وَغَيرُ عَجِيبٍ قَبضُكَ الأرْضَ كُلَّهَا

وَعِنْدَكَ سَيفُ السَّعدِ أوَّلُ ضَارِبِ

كذَلِكَ يَعْلُو لِلمُحِيطِ وَيَرتَقي

عَنِ الدَّونَ مَن يَبغِي نَقِيَّ المَنَاقِبِ

فَلاَ زِلْتَ مَيمُوناً لَدَى كُلً وِجْهًةٍ

وَنَجْمُكَ مَقْرونٌ بِحسنِ العَوَاقِبِ