بذمام عهدك في الهوى أتذمم

بِذِمَامِ عَهْدِكَ في الهَوى أَتَذَمَّمُ

يا مَنْ بِحُرْمَةِ وِدِّهِ أَتَحَرَّمُ

أَسْلَمْتَنِي لِلْوَجْدِ في دَارِ الأَسى

لَمَّا سَلِمْتَ وَخِلْتَ أَنِي أَسْلَمُ

كَمْ قَدْ شَرِقْتُ بِماءِ ذِكْرِكَ مَرَّةً

فَنَسِيتُ مِنْ ذِكْرِ الهَوى مَا أَفْهَمُ

يا دارُ مَا لِخَطِيبِ رَبْعِكِ ساكِتاً

فَكأَنَّهُ عَمَّا بِنا يَتَكلَّمُ

هَا نَحْنُ أَبْناءُ الغَرامِ وَهذِهِ

أَجْسامُنا بِرُسُومِها نَتَرَسَّمُ

وَكأنَّما اشْتَمَلَتْ رِدَاءً مِنْ بِلىً

وَكأَنَّهُ مِنْ دَمْعِ عَيْني مُعْلَمُ

وَكَأَنَّ وَشْيَ رُباكِ يا دَارَ الهَوى

مِنْ عَبْرَتي مُسْتَعْبِرٌ مُسْتَعْلِمُ

تَاللَهِ لا عَلِمَ السًّلُوُّ بِحُبِّ مَنْ

أَنا في هَواهُ مُعَذَّلٌ وَمُلَوَّمُ

وَحَيَاةِ مَا أَبْقى الهَوى مِنْ مُهْجَتي

لاَ قُلْتُ إِنِّي فِي هَواهُ مُسَلَّمُ

لَوْ بَيْنَ أَجْفَاني تَجَافاهُ الكَرى

مَا كَانَ يَحْلُمُ أَنَّهُ بِيَ يَحْلُمُ

يا نازِحاً لَعِبَ القِلى بِعُهُودِهِ

مَا الصَّبْرُ عَنْكَ أَقَلُّ مِمَّا تَعْلَمُ

لِي وَالهَوى مَا بَيْنَ أَجْنِحَةِ الكَرى

لَيْلانِ نَوْمُهُما عَلَيَّ مُحَرَّمُ

مَا الليْلُ طَالَ عَلَيَّ دُونَ ذَوي الهَوى

لكِن بَعُدْتَ فَكُلُّ دَهْرِي مُظْلِمُ

وَاهاً لأَيَّامِي الَّتي في ظِلِّها

ظَلَّتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ فينَا تَحكُمُ

أَيَّامَ أيقَظَنا الهَوى لمَواقِفٍ

فيها عُيونُ الدَّهرِ عَنَّا نُوَّمُ

حالَت وَمَا حُلْنا لَها عَنْ حَالِها

فَكأَنَّها بِشَقَائِنا تَتَنَعَّمُ

ثُمَّ انْثَنَتْ تَثْنِي إِلَيْنا عِطْفَها

فَكَأَنَّهُ مِنْ ظُلْمِها يَتَظَلَّمُ

فَرَمَيْتُ غَفْلَتَها بِذِكْرِ تَفَرُّقٍ

فَابْيَضَّ مِنْ خَوْفِ الفِراقِ لَهُ الدَّمُ

قَالتْ وَقَدْ شَرِبت مُدامَ جُفُونِها

وَلِسانُها مِنْها فَصِيحٌ أَعْجَمُ

يَا ناعِياً رُوحي إِلَيَّ بِبَيْنِهِ

بانَتْ وَلَمْ تَعْلَمْ بِأَنِّيَ أَعْلَمُ

أَشَغَلْتَ قَلْبَكَ بِالغَرامِ عَنِ الَّذي

في كلِّ عُضْوٍ مِنْهُ قَلْبٌ مُغْرَمُ

جَهْدُ الشِّكايَةِ أَنَّ أَلْسُنَنا بِها

خَرِسَتْ وَأَنَّ جُفُونَنا تَتَكَلَّمُ

لَوْ كُنْتُ أَمْلِكُ سِرَّ مَنْ كَتَمَ الهَوى

يَوْمَ النَّوى لَكَتَمْتُ مَا لا يُكْتَمُ