نالت على يدها ما لم تنله يدي

نَالَتْ عَلى يَدِها مَا لَمْ تَنَلْهُ يَدِي

نَقْشاً عَلَى مِعْصَمٍ أَوْهَتْ بِهِ جَلَدِي

كأَنَّهُ طُرْقُ نَمْلٍ في أَنامِلِها

أَوْ رَوْضَةٌ رَصَّعَتْها السُّحْبُ بِالْبَرَدِ

كأَنَّها خَشِيَتْ مِنْ نَبْلِ مُقْلَتِها

فَأَلْبَسَتْ زَنْدَها دِرْعاً مِنَ الزَّرَدِ

مَدَّتْ مَوَاشِطَها في كَفِّها شَرَكاً

تَصِيدُ قَلْبِي بِهِ مِنْ داخِلِ الجَسَدِ

وَقَوْسُ حَاجِبِها مِنْ كلِّ نَاحِيَةٍ

وَنَبْلُ مُقْلَتِها تَرْمِي بِهِ كَبِدِي

وَعَقْرَبُ الصُّدْغِ قَدْ بَانَتْ زُبانَتُهُ

وَنَاعِسُ الطَّرْفِ يَقْظانٌ عَلى رَصَدي

إِنْ كانَ في جُلَّنارِ الخَدِّ مِنْ عَجَبٍ

فَالصَّدْرُ يَطْرَحُ رُمَّاناً لِمَنْ يَرِدِ

وَخَصْرُها ناحِلٌ مِثْلِي عَلى كَفَلٍ

مُرَجْرَجٍ قَدْ حَكى الأَحْزَان في الخَلَدِ

إِنْسِيَّةٌ لَوْ بَدَتْ لِلْشَّمْسِ ما طَلَعَتْ

مِنْ بَعْدِ رُؤْيَتِها يَوْماً عَلى أَحَدِ

سَأَلْتُهَا الوَصْلَ قَالَتْ أَنْتَ تَعْرِفُنا

مَنْ رَامَ مِنَّا وِصالاً مَاتَ بِالكَمَدِ

وَكَمْ قَتِيلٍ لَنَا في الحُبِّ مَاتَ جَوىً

مِنَ الغَرامِ وَلَمْ يُبْدِئْ وَلَمْ يُعِدِ

فَقُلْتُ أَسْتَغْفِرُ الرَّحْمنَ مِنْ زَلَلٍ

إِنَّ المُحِبَّ قَلِيلُ الصَّبْرِ وَالجَلَدِ

قَالَتْ وَقَدْ فَتَكَتْ فِينا لَوَاحِظُها

مَا إِنْ أَرى لِقَتِيلِ الحُبِّ مِنْ قَوَدِ

قَدْ خَلَّفَتْنِي طَريحاً وَهْيَ قَائِلَةٌ

تَأَمَّلوا كَيْفَ فِعْلُ الظَّبْيِ بِالأَسَدِ

قَالَتْ لِطَيْفِ خَيَالٍ زَارَني وَمَضى

بِاللَهِ صِفْهُ وَلا تَنْقُصْ وَلا تَزِدِ

فَقَالَ أَبْصَرْتُهُ لَوْ مَاتَ مِنْ ظَمَأ

وَقُلْتِ قِفْ عَنْ وُرُودِ المَاءِ لَمْ يَرِدِ

قَالَتْ صَدَقْتَ الوَفَا في الحُبِّ عَادَتُهُ

يَا بَرْدَ ذاكَ الَّذي قَالَتْ عَلَى كَبِدِي

وَاسْتَرْجَعَتْ سَأَلَتْ عَنِّي فَقِيلَ لَهَا

مَا فِيهِ مِنْ رَمَقٍ دَقَّتْ يَداً بِيَدِ

وَأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤأً مِنْ نَرْجِسٍ وَسَقَتْ

وَرْداً وَعَضَّتْ عَلَى العُنَّابِ بِالبَرَدِ

وَأَنْشَدَتْ بِلِسَانِ الحَالِ قَائِلةً

مِنْ غَيْرِ كُرْهٍ وَلا مَطْلٍ وَلا جَلَدِ

وَاللَهِ مَا حَزِنَتْ أُخْتٌ لِفَقْدِ أَخٍ

حُزْني عَلَيْهِ وَلا أُمٌّ عَلَى وَلَدِ

فَأَسْرَعَتْ وَأَتَتْ تَجْرِي عَلَى عَجَلٍ

فَعِنْدَ رُؤْيَتِها لَمْ أَسْتَطِعْ جَلَدِي

وَجَرَّعَتْنِي بِرِيقٍ مِنْ مَرَاشِفِها

فَعَادَتِ الرُّوحُ بَعْدَ المَوْتِ فِي جَسَدِي

هُمْ يَحْسُدُوني عَلَى مَوْتِي فَوا أَسَفِي

حَتَّى عَلَى المَوْتِ لا أَخْلوُ مِنَ الحَسَدِ