سفر الخروج

 

(أغنية الكعكة الحجرية)

 

(الإصحاح الأول)

 

أيها الواقِفونَ على حافةِ المذبحهْ

أَشهِروا الأَسلِحهْ!

سَقطَ الموتُ; وانفرطَ القلبُ كالمسبحَهْ.

والدمُ انسابَ فوقَ الوِشاحْ!

المنَازلُ أضرحَةٌ،

والزنازن أضرحَةٌ،

والمدَى.. أضرِحهْ

فارفَعوا الأسلِحهْ

واتبَعُوني!

أنا نَدَمُ الغَدِ والبارحهْ

رايتي: عظمتان.. وجُمْجُمهْ،

وشِعاري: الصَّباحْ!

(الإصحاح الثاني)

 

دَقت الساعةُ المُتعبهْ

رَفعت أمُّه الطيبهْ

عينَها..!

(دفعتهُ كُعُوبُ البنادقِ في المركَبه!)

دقتِ السَّاعةُ المتْعبه

نَهَضتْ; نَسَّقتْ مكتبه..

(صَفعته يَدٌ..

أَدخلتْهُ يدُ اللهِ في التجرُبه!)

دقَّت السَّاعةُ المُتعبه

جَلسَت أمهُ; رَتَقَتْ جوربهْ…

(وخزنةُ عُيونُ المُحقَّقِ..

حتى تفجّر من جلدِه الدَّمُ والأجوبه!)

دقَّتِ السَّاعةُ المتعبهْ!

دقَّتِ السَّاعة المتعبهْ!

(الإصحاح الثالث)

 

عِندما تهبطينَ على سَاحةِ القَومِ، لا تَبْدئي بالسَّلامْ.

فهمُ الآن يقتَسِمون صغارَك فوقَ صِحَافِ الطعام

بعد أن أشعَلوا النارَ في العشِّ..

والقشِّ..

والسُّنبلهْ.!

وغداً يذبحونكِ..

بحثاً عن الكَنزِ في الحوصله!

وغداً تَغْتَدي مُدُنُ الألفِ عامْ.!

مدناً.. للخِيام!

مدناً ترتقي دَرَجَ المقصلهْ!

(الإصحاح الرابع)

 

دقّتِ الساعةُ القاسيهْ

وقفوا في ميادينها الجهْمةِ الخَاويهْ

واستداروا على دَرَجاتِ النُّصُبْ

شجراً من لَهَبْ

تعصفُ الريحُ بين وُريقاتِه الغضَّةِ الدانيه

فَيئِنُّ: “بلادي.. بلادي”

(بلادي البعيدهْ!)

دقت الساعةُ القاسيهْ

“انظروا..”; هتفتْ غانيهْ

تتلوى بسيارة الرقَمِ الجُمركيِّ;

وتمتمتِ الثانيه:

سوف ينصرفونَ إذا البَرْدُ حلَّ.. ورانَ التَّعب

دقتِ الساعةُ القاسيه

كان مذياعُ مقهى يذيعُ أحاديثِه الباليهْ

عَن دُعاةِ الشَّغَبْ

وَهم يَسْتديرونَ;

يَشتعلون على الكعكة الحجريَّة حول النُّصُبْ

شَمعدانَ غَضَبْ

يَتوهجُ في الليل..

والصوتُ يَكْتَسِحُ العتمةُ الباقيه

يتغنى لأعيادِ ميلادِ مصر الجديدهْ!

 

(الإصحاح الخامس)

اذكريني!

فقد لوَّثتني العناوينُ في الصُّحف الخائنهْ!

لوَّنَتْني.. لأني منذ الهزيمة لا لونَ لي..

(غير لونِ الضَّياع!)

قَبلَها; كنتُ أقرأُ في صفحةِ الرمل..

(والرملُ أصبحَ كالعُمْلةِ الصَّعبهَ،

الرملُ أصبحَ: أبسطةً.. تحت أقدامِ جيشِ الدفاع)

فاذكُريني;.. كما تذكُرين المهرِّب.. والمطربَ العاطفيّ.

وكَابَ العقيدِ.. وزينةَ رأسِ السّنة.

اذكريني إذا نَسيتني شُهوُدَ العَيانِ

ومضبطةُ البَرلمانِ

وقائمةُ التُهمِ المعُلَنه

والوداعَ!

الوداعْ!

 

(الإصحاح السادس)

دقت الساعة الخامسةْ

ظهَرَ الجندُ دائرةً من دروعِ وخُوذاتِ حربْ

ها هُمُ الآن يَقترِبونَ رويداً.. رويداً..

يجيئونَ من كلِّ صَوْبْ

والمغنون في الكَعكةِ الحجريةِ ينقبضُونَ

وينفرجونَ

كنبضةِ قَلْبْ!

يُشعلونَ الحناجرَ،

يستدفئونَ من البردِ والظلمةِ القارِسه

يرفعونَ الأناشيدَ من أوجُهِ الحرسِ المقتربْ

يشبكون أياديهم الغضةَ البائِسه

لتصير سياجاً يصدُّ الرصاص!..

الرصاصَ..

الرصاصَ..

وآه..

يُغنُّونَ: “نحن فداؤكِ يا مِصرُ”

“نحن فداؤُ…”

وتسقطُ حنجرة مُخرسه

معَها يسقطُ اسمُكِ يا مصرُ في الأرض!

لا يتبقَّى سوى الجسدِ المتهشمِ.. والصَّرخات

على السّاحة الدامِسه!

دقَّتِ الساعةِ الخامسهْ

دقَّتِ الخامسهْ

دقَّتِ الخامسهْ

وتفرَّق ماؤكَ يا نهرُ حين بَلَغْتَ المصَبّْ!

***

 

المنازُلُ أضرحةٌ،

والزنازنُ أضرحةٌ،

والمدى أضرحه

فارفعوا الأسلحه!

ارفعوا

الأسلحه!