مقتل القمر

….وتناقلوا النبأ الأليم على بريد الشمس

في كل مدينة ،

(( قُتِل القمر ))!

شهدوه مصلوباً تَتَدَلَّى رأسه فوق الشجر !

نهب اللصوص قلادة الماس الثمينة من صدره!

تركوه في الأعواد ،

كالأسطورة السوداء في عيني ضرير

ويقول جاري :

(( كان قديساً ، لماذا يقتلونه ؟))

وتقول جارتنا الصبية :

(( كان يعجبه غنائي في المساء

وكان يهديني قوارير العطور

فبأي ذنب يقتلونه ؟

هل شاهدوه عند نافذتي _قبيل الفجر _ يصغي للغناء!؟!؟))

….. …….. …….

وتدلت الدمعات من كل العيون

كأنها الأيتام – أطفال القمر

وترحموا…

وتفرقوا…..

فكما يموت الناس…..مات !

وجلست ،

أسألة عن الأيدي التي غدرت به

لكنه لم يستمع لي ،

….. كان مات !

****

دثرته بعباءته

وسحبت جفنيه على عينيه…

حتى لايرى من فارقوه!

وخرجت من باب المدينة

للريف:

يا أبناء قريتنا أبوكم مات

قد قتلته أبناء المدينة

ذرفوا عليه دموع أخوة يوسف

وتفرَّقوا

تركوه فوق شوارع الإسفلت والدم والضغينة

يا أخوتي : هذا أبوكم مات !

ماذا ؟ لا…….أبونا لا يموت

بالأمس طول الليل كان هنا

يقص لنا حكايته الحزينة !

يا أخوتي بيديّ هاتين احتضنته

أسبلت جفنيه على عينيه حتى تدفنوه !

قالوا : كفاك ، اصمت

فإنك لست تدري ما تقول !

قلت : الحقيقة ما أقول

قالوا : انتظر

لم تبق إلا بضع ساعات…

ويأتي!

***

حط المساء

وأطل من فوقي القمر

متألق البسمات ، ماسىّ النظر

يا إخوتي هذا أبوكم ما يزال هنا

فمن هو ذلك المُلْقىَ على أرض المدينة ؟

قالوا: غريب

ظنه الناس القمر

قتلوه ، ثم بكوا عليه

ورددوا (( قُتِل القمر ))

لكن أبونا لا يموت

أبداً أبونا لايموت !