لك الحسب الباقي على عقب الدهر

لك الحسب الباقي على عقب الدهر

بل الشرف الراقي على قمة النسر

كذا فليكن سعي الملوك إذا سعت

بها الهمم العليا إلى شرف الذكر

نهضتم بأعباء الوزارة نهضة

أقلتم بها الأقدام من ذلة العثر

كشفتم عن الإقليم غمته كما

كشفتم بأنوار الغنى ظلمة الفقر

حميتم من الإفرنج سرب خلافة

جريتم بها مجرى الأمان من الذعر

ولما استعان ابن النبي بنصركم

ودائرة الأنصار أضيق من شبر

جلبتم إليه النصر أوساً و خزرجاً

وما اشتقت الأنصار إلا من النصر

كتائب من جيرون منها أواخر

وأولها في الريف من شاطئي مصر

طلعتم فأطلعتم كواكب نصرة

أضاءت وكان الدين ليلاً بلا فجر

كواكب تزري بالنجوم لأنها

يسرى بها ليل الهموم وما تسري

وآبت إليكم يا بن أيوب دولة

تراسلكم في كل يوم مع السفر

وقرت بكم عين لنا وجوانح

أعيضت ببرد الوصل عن حرقة الهجر

وألقابكم في الدين مثل فعالكم

تنم بها الأخبار عن كرم الخبر

لها أسد منكم ونجم ومنكم

صلاح وسيف إن ذا غاية الفجر

حمى الله منكم عزمة أسدية

فككتم بها الإسلام من ربقة الكفر

لئن نصبوا في البر جسراً فإنكم

عبرتم ببحر من حديد على الجسر

طريق تقارعتم عليها مع العدى

ففزتم بها والصخر يقرع بالصخر

أخذتم على الأفرنج كل ثنية

وقلتم لأيدي الخيل مري على مري

وأزعجه من مصر خوف يلزه

كما لُزَّ مهزوم من الليل بالفجر

وكم وقعة عذراء لما فضضتها

بسيفك لم تترك لغيرك من عذر

ورعت بأطراف اليراعين قلب من

تفرخ في أيامه بيضة الغدر

كتائب تنفي الهم عن مستقره

وكتب تزيل الهم عن موطن الفكر

إذا نشرت أعلامها وعلومها

ثنت أمل المغرور طياً على غر

وأصبحت كالآساد في الجد والجدى

فناهيك من ماء نمير ومن نمر

وصغرت مقدار الخطايا بقدرة

يغور بصافي حلمها وغر الصدر

إذا ماتت الأحقاد يوماً بحلمكم

فليس لها غير التجاوز من قبر

وأيديكم بالبأس كاسرة العدى

ولكنها بالجود جابرة الكسر

أبوك الذي أضحى ذخيرة مجدكم

وأنت لن خير النفائس والذخر

ومن كنت معروفاً له فاستفزه

بمثلك تيه فهو في أوسع العذر

فكيف وقد أصبحت نار زناده

وإلا كنوز البدر في شبه البدر

توقره وسط الندي كرامة

وتحمل عنه ما يؤود من الوقر

وتخلفه سلماً وحرباً خلافة

تؤلف أضداداً من الماء والجمر

وكم قمت في بأس وجود ورتبة

بما سره في الخطب والدست والثغر

ولو أنطق الله الجمادات لم تقم

لنعمتكم بالمستحق من الشكر

يد لا يقوم المسلمون بشكرها

لكم آل أيوب إلى آخر الدهر

لكم أمن الرحمن أعظم يثرب

وأمن أركان البنية والحجر

ولو رجعت مصر إلى الكفر لانطوى

بساط الهدى من ساحل البر والبحر

ولكن شددتم أزره بوزارة

غدا لفظها يشتق من شدة الوزر

وما بقيت في الشرك إلا بقية

تتممها بالبيض والأسل السمر

وعند تمام الفتح آتي مهنئاً

ومستلماً أجر الكهانة والزجر

ومخترعاً فيكم عيون قصائد

هي العنبر الشحري أو نفثة الشحر

قصائد ما فيها من الحشو لفظة

بلى حشوها من ذكركم عبق النشر

تعلمت الإحسان من حسناتكم

فواحدة منها تقوم بالعشر

ولو لم أكن عبداً وهن إماؤكم

ترافع فكري وادعى حرمة الصهر

ولولا اعتقادي أن مدحك قربة

أرجي به نيل المثوبة والأجر

لما قلت شعراً بعد إعفاء خاطري

ولي سنوات منذ تبت عن الشعر

وجائزتي تسهيل أمري عليكم

وملقاكم لي بالطلاقة والبشر