الضياء

عاش لنا الصبحُ، ومات المساءْ

في الصُّبح ألقاكِ، وألقي الضياءْ

كأنّ لطف الله، سبحانه

زحزح عند الصبح ذاك الغطاءْ

فالحمد لله على نعمةٍ

تشمل حتى لون خيط الهواءْ

إن الظلام المرتمي لّجةٌ

أعمق غوراً من ضمير الفناءْ

يبتلع الدُّنيا على رحبها

ويمسح الحسن، ويطوي الرُّواءْ

لولا الضياء السَّمح ما اخضوضرت

منابت العشب، ولا ازرقّ ماءْ

في دورة الجدول حمدٌ له

وفي الأفانين عليه الثناءْ

ما العيشُ، لولا النور، ما لونُهُ

ما نضرةُ الرغد، وصفوُ الهناءْ

يا ضوءُ شعْشعْ، أنت عيدُ الضُّحى

عيدُ الشعاع الطًّلق، عيدُ الفضاءْ

يا ناسجَ السُّحبِ على نوله

أحسنتَ، فاسحبْ ذيلها ما تشاءْ

يا كاسيَ السُّنبلِ من عسجدٍ

اخلعْ على الكرمة هذا الكساءْ

إنَّ الدَّوالي، وعناقيدها

سخيّةٌ، فاسكبْ لها عن سخاءْ

يا ضوءُ، يا أَنس المغاني، ويا

بشائر الخير ولمع الرجاءْ

لكَ الحبورُ الذهبيُّ، الذي

راح على الوادي صباحاً وجاءْ

رُبَّ شعاعٍٍ منكَ شكَّ الدُّجى

فقام بالجرح، وفي الفجر ناءْ

خلِّ الدُّجى يبكي على ملكه

مقطّب الوجه، حوالي السَّماءْ

مَن مُبلغي من معمعان الهوى

دفقة ضوءٍ، لا يليه انطفاءْ

أُغرقُ في النور حبيبي، وفي

زواخر الوهج وفيض البهاءْ