صحراء

(إلى عودة أبو تايه)

(1)

خذوا هذه الأرضَ مني،

أيها الرامحونَ إلي الغربِ

أقصي النوافذِ في الغربِ،

أقصي التلاشي، الجنون

ولا تتركوني وحيداً

علي حافةِ الأرضِ أرثي بلادي

الخراب.

خذوا هذه الأرضَ

(ما قد تبقّي من الأرضِ)

هذي الأخاديدَ

والجثثَ المرمريّةَ

لا تتركوا ولداً خلفته العشائرُ

في قبضة الشِّعرِ

سطوَتُه في انتقاء الكلامِ الرضيّ

ارتحالاتهُ في غضونِ الشقاءِ،

الشقاء

الذي

لا مثيلَ

لأخشابهِ،

ولا تتركوني…

أنا ولدٌ خائبٌ في العشيرة والشِّعرِ

جئتُ من مضربٍ في شمالِ الرّياح

وفي لغتي نبرةٌ كالصهيلِ،

كان سوطيَ من جلدِ ثور ٍ

أمرُّ به فوقَ ظهرِ اللغاتِ الأنيقةِ

والسافلينَ،

ولا تتركوني

أسمّي المذابحَ من أرضِ جلعادَ

حتى قميصي الأخير،

أعد انتهاكات لحمي،

وأمّي التي فارقتها النبوءاتُ

أعد الندوبَ الطويلةَ في وجهِ،

وضحةَ

وضحةَ

وضحةْ..

تلكَ التي كانت الأرضُ

تنفثُ شهوتَها بعثراناً وشيحاً

بقعدتها في فساح الصباح

وتلكَ التي لم تنم بين فخذين

ما شاهدتْ غيرَ أعضائِها

الذئابُ تحن الى لحمها الرّعويِّ،

تخبطُ الخيلُ أقدامها في الهواء

المعبأ بالمسكِ والعرق الأنثوي لدي لمحها.

والرجالُ

الرجالُ الذين استطاعوا إليها سبيلاً

قضوا واحدا

واحداً

في الشقاء.

(2)

ولا تتركوني هنا،

في سماء الصّحاري

تحجُ إليَّ العقاربُ من كلِّ صوبٍ

وتسعي أفاعي الشّعاب إلي نُقرةِ الماءِ،

يا للصفير النحاسيّ في أفقٍ من هباء:

لقد ضاقت الأرض في قامةِ الإبلِ

ثم انحنتْ دورةُ الوقت تحت السروجِ

فلا خَيلَ تصهلُ في مُقبلِ الليل،

ولا راحل يهتدي بالنجوم.

ويا ليديَّ

ويا للعراءِ

ويا لانهمار الخرابِ علي جثة الشيخِ عودة

ويا للسكون الملوّثِ بالانقراض

ويا…

(3)

قفوا

أيها الرامحونَ إلي جهة يبتليها الحديدُ

فها قهوتي ما تزالُ علي جمرةِ الانتظار

وها جمرُنا

واضحٌ في الرمادِ،

الرما.. د.