أفد الرحيل وليته لم يأفد

أَفِدَ الرَحيلُ وَلَيتَهُ لَم يَأفَدِ

وَاليَومَ عاجِلُهُ وَيُعذَلُ في غَدِ

زَعَمَت غَنِيَّةُ أَن اَكثَرَ لِمَّتي

شَيبٌ وَهانَ بِذاكَ ما لَم تَزدَدِ

لَمّا رَأَيتُ عُرباً هَجائِنَ وَسطَها

مَرِحَت وَجالَت في الصُراخِ الأَبعَدِ

وَمَنَحتُها قَولي عَلى عُرضِيَّةٍ

عُلُطٍ أُداري ضِغنَها بِتَوَدُّدِ

لَم تَدرِ ما نَسجُ البَرَندَجِ قَبلَها

وَدِراسُ أَعوَصَ دارِسٍ مُتَخَدِّدِ

مِمَّن تَرَبَّبَهُ النَعيمُ وَلَم يَخَف

عُقُبَ الكِتابِ وَلا بَناتِ المُسنَدِ

ثَمِلٌ رَمَتهُ المَنجَنونُ بِسَهمِها

وَرَمى بِسَهمٍ جَريمَةٍ لَم يَصطَدِ

أَو هَل تَرَينَ الدَهرَ عَرّى مَسَّهُ

إِلّا عَلى لَمَمٍ يَروحُ وَيَغتَدي

أَزرى بِوَصلِ الحارِثِيَّةِ أَنَّها

تَنأى وَيَحدُثُ بَعضُ ما لَم نَعهَدِ

قالَت لَنا يَوماً بِبَطنِ سَبوحَةٍ

في مَوكِبٍ زَجِلِ الهَواجِرِ مُبرِدِ

يا جَلَّ ما بَعُدَت عَلَيكَ بِلادُنا

وَطِلابُنا فَاِبرُق بِأَرضِكَ وَاِرعُدِ

لَو كُنتُ بِالطَبسَينِ أَو بِأُلالَةٍ

اَو بَر بَعيصَ مَعَ الجِنانِ الأَسوَدِ

مَلسى يَمانِيَةٌ وَشَيخٌ هَمَّةٌ

مُتَقَطِّعٌ دونَ اليَماني المُصعِدِ

وَجَرَت لَها طَيرٌ فَيَزجُر صاحِبي

وَأَقولُ هَذا رائِدٌ لَم يُحمَدِ

وَلَقَد غَدَوتُ رَأَيَّ أَفتُنِ دَهرِهِ

يَرجو الفَتى في العَيشِ ما لَم يَفتَدِ

بِمُقَلِّصٍ دَركِ الطَريدَةِ مَتنُهُ

كَصَفا الخَليقَةِ بِالفَضاءِ المُلبِدِ

هَمِقٌ إِذا رَشَحَ العِذارُ بِلَيتِهِ

وَكَفَت خَصائِلُهُ وَكَيفَ الغَرقَدِ

يَخدي بِأَوظِفَةٍ شَديدٍ أَسرُها

صُمِّ السَنابِكِ لا تَقي بِالجَدجَدِ

ذي مَنكِبٍ رَهلٍ وَقُصرى جَأبَةٍ

وَصَليفِ أَرعَنَ يافِعِ المُتَلَدَّدِ

حَبِطَت قُصَيراه وَسونِدَ ظَهرُهُ

وَإِذا تَدافَعَ خِلتَهُ لَم يُسنَدِ

حُدِيَت بِحارِكِهِ قَطاةُ فَعمَةٌ

في صَندَلٍ لَهزٍ وَهادٍ موفِدِ

وَحَبَت لَهُ أُذُنٌ يُراقِبُ سَمعَها

بَصَرٌ كاصِيَةِ الشُجاعِ الأَصيَدِ

باتَت عَلَيهِ لَيلَةُ عَرشِيَّةٌ

شَرِيَت وَباتَ إِلى نَقاً مُتَهَدِّدِ

فَبَدَرتُهُ عَينا وَلَجَّ بِطَرفِهِ

عَنّي لُعاعَةُ لَغوَسٍ مُتَرَئِّدِ

لَمّا تَجَلى غَلَسُ الظَلامِ صَبَحتُهُ

ذا مَيعَةٍ خَرِصاً كَلَونِ الفَرقَدِ

ثُمَّ اِقتَحَمتُ مُناجِداً وَلَزِمتُهُ

وَفُؤادُهُ زَجِلٌ كَعَزفِ الهُدهُدِ

نَبَذَ الجَؤارَ وَضَلَّ هِديَةَ رَوقِهِ

لضمّا اِختَلَلتُ فُؤادَهُ بِالمِطرَدِ

وَاِنقَضَّ مُنسَدِراً كَأَنَّ إِرانَهُ

قَبسٌ تَقَطَّعَ دونَ كَفِّ الموقِدِ

عَمَّرتُكَ اللَهُ الجَليلَ فَإِنَّني

أَلوي عَلَيكَ لَو أَنَّ لُبَّكَ يَهتَدي

هَل لامَني مِن صاحِبٍ صاحَبتُهُ

مِن حاسِرٍ أَو دارِعٍ أَو مُرتَدي

هَل لامَني قَومٌ لِمَوقِفِ سائِلٍ

أَو في مُخاصَمَةِ اللَجوجِ الأَصيَدِ