عوجوا فحيوا أيها السفر

عوجوا فَحَيّوا أَيُّها السَفرُ

أَم كَيفَ يَنطِقُ مَنزِلٌ قَفرُ

خَلَدَ الجُبَيبُ وَبادَ حاضِرُهُ

إِلّا مَنازِلَ كُلُّها قَفرُ

لَعِبَت بِها هوجٌ يَمانِيَةٌ

فَتَرى مَعارِفَها وَله تَدري

وَلَهِت عَلَيها كُلُّ مُعصِفَةٍ

هَوجاءُ لَيسَ لِلُبِّها زَبرُ

عَشواءُ رَعبَلَةُ الرَواحِ خَجَو

جاةُ الغُدُوِّ رَواحُها شَهرُ

خَرقاءُ تَلتَهِمُ الجِبالَ وَأَج

وازَ الفَلاةِ وَبَطنُها صِفرُ

وَالقوفُ تَنسُجُهُ الدَبورُ وَأَت

لالٌ مُلَمَّعَةُ القَرا شَقرُ

وَتَقنَّعَ الحِرباءُ أَرنَتَهُ

مُتَشاوِساً لِوَريدِهِ نَقرُ

وَعَرَفتُ مِن شُرُفاتِ مَسجِدِها

حَجَرَينِ طالَ عَلَيهِما الدَهرُ

بَكَيا الخَلاءَ فَقُلتُ إِذ بَكَيا

ما بَعدَ مِثلِ بُكاكُما صَبرُ

إِن تَغدُ مِن عَدَنٍ فَأَبينَةٍ

فَمَقيلُها الحُوّارُ وَالبِشرُ

تَضَعُ الحَديثَ عَلى مَواضِعِهِ

وَكَلامُها مِن بَعدِهِ نَزرُ

عوجي اِبنَةَ البَلَسِ الظَنونِ فَقَد

يَربو الصَغيرُ وَيُجبَرُ الكَسرُ

بانَ الشَبابُ وَأَخلَفَ العَمرُ

وَتَغَيَّرَ الإِخوانُ وَالدَهرُ

وَلَقَد غَدَوتُ وَما يُفَزِّعُني

خَوفٌ أُحاذِرُهُ وَلا ذُعرُ

رُؤدُ الشَبابِ كَأَنَّني غُصنٌ

بِحَرامِ مَكَةَ ناعِمٌ نَضرُ

كَشَرابِ قيلٍ عَن مَطِيَّتِهِ

وَلِكُلِّ اَمرٍ واقِعٍ قَدرُ

مُذِ النَهارُ لَهُ وَطالَ عَلَيهِ ال

لَيلُ وَاِستَنعَت بِهِ الخَمرُ

وَمُسِفَّةٌ دَهماءُ داجِنَةٌ

رَكَدَت وَأُسبِلَ دونَها السَترُ

مِن دونِهِم غِن جِئتَهُم سَمَراً

عَزفُ القِيانِ وَمَجلِسُ غَمرُ

وَجَرادَتانِ تُغَنِّيانِهِم

وَعَليهِما الياقوتُ وَالشَذرُ

وَمُجَلجَلٌ دانٍ زَبَرجَدُهُ

حَدِبٌ كَما يَتَحَدَّبُ الدُبرُ

وَنّانِ حَنّانانِ بَينَهُما

وَتَرٌ أَجَشُّ غِناؤُهُ زَمرُ

وَبَعيرُهُم ساجٍ بِجَرَّتِهِ

لَم يُؤذِهِ غَرثٌ وَلا نَفرُ

فَإِذا تَجَرَّرَ شَقَّ بازِلَهُ

وَإِذا أَصاخَ فَإِنَّهُ بِكرُ

خَلّوا طَريقَ الديدَبونِ فَقَد

وَلّى الصِبا وَتَفاوَتَ النَجرُ

وَاِسلَم بِراووقٍ حُبيتَ بِهِ

وَاِنعِم صَباحاً أَيُّها الجَبرُ

لا تَقتَفي بِهِمُ الشَمالُ إِذا

هَبَّت وَلا آفاقُها الغُبرُ

هُضُمٌ إِذا حُبَّ القُتارُ وَهُم

نُصُرُّ إِذا ما اِستُبطِئَ النَصرُ

ما كُنتُ مِن قَومي بِدالِهَةٍ

لَو أَنَّ مَعصِيّاً لَهُ أَمرُ

كَلَّفتَني مُخَّ البَعوضِ فَقَد

أَقصَرتُ لا نُجحٌ وَلا عُذرُ