مصر ساحرة التاريخ

حَبِيبَـةَ الرُّوحِ يَا رُوحِي وَيَا ذَاتِي

الشَّوْقُ يَعْصِفُ بِي لَوْلاَ عُلاَلاَتِي

هَذِي سُنُونٌ تَوَالَتْ إِثْـرَ فُرْقَتِنَـا

وَلَسْتُ أَمْلِـكُ إلاَّ حَـرَّ آهَاتِي

يَا مِصْـرُ يَا قِبْلَةً لِلْفَـنِّ بَارَكَـهَا

رُوحُ القَدِيـرِ بِآيٍ عَبْـرَ آيَـاتِ

لأَنْتِ سَاحِرَةُ التَّارِيخِ مُـذْ وُجِدَتْ

أَسْرَارُ حُسْنِكِ سَارَتْ فِي الشّلاَلاَتِ

سُبْحَـانَ رَبِّي كَمْ أَوْلاَكِ مِنْ نِعَمٍ

أَنْوَارُهَـا تَتَـلاَلاَ كَالْمَجَـرَّاتِ

إِنْ قِيلَ عِلْمٌ وَأَنْتِ العِلْمُ بَارِعَـةٌ

أَوْ قِيلَ فَنٌّ فَأَنْتِ الأَمْس وَالآتِي

كَمْ قَدْ رَوَيْتِ عَنِ الأَهْرَامِ مُعْجِـزَةً

وَكَمْ سَمَـوْتِ بَآمُونٍ وَ (نَفْرَاتِ)

فَكُلُّ شِبْـرٍ بِأَرْضٍ مِنْـكِ مَأْثَـرَةٌ

وَفِي مِياهِـكِ أَنْفَـاسُ النُّبُوَّاتِ

فَمَنْ يَزُرْكِ يَظَلّ الدَّهْـرَ مُنْبَهِـرَاً

بِغَابِـرٍ مُعْجِـزٍ أَوْ حَاضِـرٍ آتِ

يَا مِصْرُ يَا قِبْلَةَ الْقُصَّادِ يَا عَلَمَـاً

إِنْ رَفَّ كَانَ الْمُعَلَّى بَيْنَ رَايَاتِ

للهِ أَنْـتِ حَضَـارَاتٌ مُخَلَّـدَةٌ

يَا مَنْ أَدَلْتِ عَلَى كُلِّ الْمُدِلاَّتِ

بِالدّلِّ وَالشَّكْلِ وَالْحُسْنِ الذِي انْفَرَدَتْ

بِسِحْرِهِ بَيْنَ أَهْلِ الأَرْضِ بِالذَّاتِ

كَفِلْقَةِ البَدْرِ أَوْ كَالشَّمْسِ إنْ خَطَرَتْ

رَفَّ السَّنَا بَيْنَ أَهْدَابِ الثَّنِيَّاتِ

كَأَنَّمَا النُّـورُ بَعْـضٌ مِنْ مَفَاتِنِهَـا

وَالْكُلُّ مِنْهَا خَبِيءٌ فِي الجُزَيْئَاتِ

يَا مِصْـرُ أَعْيَيْتِنِـي وَصْفَاً، فَذَا قَلَمِي

مُكَسَّـرٌ كَمْ يُـوَرِّي بِِالْكِنَايَاتِ

فَهَلْ تَطُولُ إِشَارَاتِي وَقَدْ قَصُـرَتْ

عَنْ مُعْجِزِ الْفَنِّ فِي الْمَاضِي وَفِي الآتِي

ذِي آيَةُ اللهِ تُعْيي الْوَصْفَ ، لاَ عَجَبٌ

إِنْ أَعْجَزَتْ أَحْرُفِي فِي غُرِّ أَبْيَاتِي

تَقَبَّلِي مِصْـرُ قَلْبِي عَبْـرَ قَافِيَتِـي

فَإِنَّـهُ الْحُـبُّ رَقْرَاقَـاً بِمِرْآتِي

وَإِنَّـهُ الصِّدْقُ فِي رُوحِي وَفِي كَلِمِي

بَلْ فِي ضَمِيمِ الْحَنَايَا مِنْ شُعِيْرَاتِي

وَلَسْتُ أَنْظِمُـهُ زِيفَـاً وَلاَ كَلِمَـاً

فَهْوُ الصَّفِيُّ الْمُصَفَّى ، إِنَّـهُ ذَاتِي