- Advertisement -

الروح الثائرة

أملّت ضجيج الحياة ففرّت

تريد الحياة بظلّ السكون

تغاف القصور و جنّاتها

و تأوي إلى دوحة الزيزفون

فتشرب ماء الغدير نقيّا

و تسكر من أرج الياسمين

و تسمع لحن الطيور شجيّا

رقيقا على مائسات الغصون

فتذكر عالم قدس نمت

به حرّة بين حور و عين

هيولي تفيض ضياء مبينا

طليقا تراه جميع العيون

و تذكره عالما طاهرا

قضت في رباه ألوف السنين

تحنّ إليه و ماذا يفيد

بعيد الأحبّة طول الحنين

لقد ذكرته فما كفكفت

بيمنى يديها عقود الشؤون

بكت و هي في سجنها حرّة

و لا عجب من بكاء السجين

حنوت عليها و قد بكّرت

لتتلو كتاب الحياة القديم

فقلت لها : مزّقيه كتابا

يثير الشجون و يذكي الهموم

فإنّ الشقيّ يزيد شقاء

إذا راح يذكر عهد النّعيم

مقيّدة أنت صاغ القيود

ليمناك كفّ القضاء الأثيم

تريدين منّي نسيم عليلا

و هيهات عزّ علينا النسيم

تريدين منّي نسيم الجنان

نقيّا .. و هذا نسيم الجحيم

فلا تنشقيه ففيه سموم الهجير

و من ذا يطيق السموم

عذرتك فرّي من الأرض و ابغي

هناك المقام الرفيع الكريم

بقرب النجوم فإنّ الحياة

معطّرة الدنّ بين النجوم

و لا ترحمي الجسم فهو تراب

يعود لمعدنه بعد حين

غدا هو بين الربى زهرة

كستها الطبيعة لون الشروق

يقبّلها الصبح في ثغرها

و يلثم في شفتيها العقيق

و تسري الصّبا من بعيد إليها

و قد هوّن الحبّ حزن الطريق

إلى أن تمرّ عليها فتاة

فتنزعها نزع برّ رفيق

و تنزلها منزلا هانئا

على النّور لا يشتكى فيه ضيق

فحينا تقبّل نهدا و حينا

تقبّل خدّا يلون الشقيق

و تبعثها بعد ذاك رسولا

يؤدّي رسالة صبّ مشوق

فنعم الرسالة بين العشيقة

ذات الدلال و بيت العشيق

فيا روح من بين تلك النجوم

أطلي عليها و لا تنكريني

أطلّي عليها و قد أشرقت

على صدر خود عروس و ساما

أطلّي عليها و قد ألقيت

بقايا شذا ثمّ عادت رغاما

أطلّي عليها رفيقا قديما

و قولي سلاما تردّ السلاما

ألا و اذكري عهدنا و اذكري

زمانك في الأرض عاما فعاما

أأنكرت شكلا جديدا لجسم

غدا لك قيل الفناء مقاما

و أنكرت ألوانها جمّة

و عطرا نديّا كعطر لخزامى

فلا تعجبي إنّ هذا الذبول

بأوراقها كان فيّ سقاما

و ذا الاحمرار دموعي

و هذا الشذا كان فيّ غراما

و أفناني الدهر إلا شقاء

تأبى عليه و إلاّ هياما

تلاشيت في هذه الكائنات

و لم يتلاش إليك حنيني

- Advertisement -

- Advertisement -

اترك تعليقا