أمام باب الله

منطرحًا أمام بابك الكبيرْ

أصرخ في الظلام أستجيرْ:

يا راعي النمال في الرمال،

وسامع الحصاة في قرارة الغدير،

أصيح كالرعود في مغاور الجبال،

كآهة الهجير.

أتسمع النداء يا بوركتَ تسمعُ.

وهل تجيب إن سمعتَ؟

صائدُ الرجال

وساحِقُ النساء، أنتَ يا مفجِّعُ.

يا مهلك العباد بالرجوم والزلازلِ،

يا موحشَ المنازل،

منطرحًا أمام بابك الكبير

أحس بانكسارة الظنون في الضمير.

أثور؟ أغضبُ؟

وهل يثور في حماكَ مذنبُ؟!

•••

لا أبتغي من الحياة غير ما لديَّ:

الهري بالغلال يزحم الظلام في مداه،

وحقلي الحصيد نامٍ في ضحاه،

نفضتُ من ترابه يديَّ.

ليأتِ في الغداةْ،

سواي زارعون أو سواي حاصدون!

لتنثر القبورَ والسنابلَ السنون!

أريد أن أعيشَ في سلام،

كشمعةٍ تذوب في الظلام،

بدمعة أموت وابتسام.

تعبتُ من توقد الهجير،

أصارع العباب فيه والضمير،

ومن لياليَّ مع النخيل والسراج والظنون.

أتابع القوافي

في ظلمة البحار والفيافي،

وفي متاهة الشكوك والجنون.

تعبت من صراعي الكبير،

أشقُّ قلبي أطعم الفقير،

أضيء كوخه بشمعة العيون،

أكسوه بالبيارق القديمة،

تنث من رائحة الهزيمة.

تعبت من ربيعيَ الأخير،

أراه في اللقاح والأقاح والورود،

أراه في كل ربيع يعبر الحدود.

تعبتُ من تصنع الحياةْ،

أعيش بالأمس، وأدعو أمسي الغدا.

كأنني ممثل من عالم الردى،

تصطاده الأقدار من دجاه،

وتوقد الشموع في مسرحه الكبير،

يضحك للفجر وملء قلبه الهجير.

تعبت كالطفل إذا أتعبه بكاه!

•••

أودُّ لو أنام في حماك،

دثاريَ الآثام والخطايا،

ومهدي اختلاجة البغايا،

تأنف أن تمسني يداك.

أود لو أراك … من يراك؟

أسعى إلى سدتك الكبيرة

في موكب الخطاة والمعذبين،

صارخةً أصواتُنا الكسيرةْ

خناجرًا تمزِّق الهواء بالأنين:

«وجوهنا اليباب

كأنها ما يرسم الأطفالُ في التراب،

لم تعرف الجمال والوسامةْ.

تقضت الطفولة. انطفا سنا الشباب

وذاب كالغمامةْ،

ونحن نحمل الوجوه ذاتَها،

لا تلفت العيون إذ تلوح للعيون

ولا تشفُّ عن نفوسنا، وليس تعكس التفاتَها.

إليك يا مفجِّر الجمال، تائهون

نحن، نهيم في حدائق الوجوه. آهْ

من عالم يرى زنابق الماء على المياه

ولا يرى المحار في القرار،

واللؤلؤ الفريد في المحار!»

•••

منطرحًا أصيح، أنهش الحجار:

«أريد أن أموت يا إله!»