سفر أيوب

نازلا نازلا من صحارى السماء

من عصور جليديّة من قبور

نام فيها الهواء

أيها الثلج يا حشرجات الدهور

و انتحاب المساكين في كل كهف يغور

في جبال السنين

كن لهيبا على أوجه العابرين

قنّع الخوف فيها بلون الرجاء

**

أيّها الثلج رحماك إني غريب

في بلاد من البرد و الجوع سكرى

إن لي منزلا في العراق الحبيب

صبيتي فيه تعلك صخرا

آه لولاك يا داء ما عفت داري

ما تركت الزهور التي فتحت في جداري

و العصافير في ركن بيتي لهن اختصام

مر يوم فشهر فعام

**

و الزمان ارتماء بدون انتهاء

تزفر الأرض عنه و تبكي السماء

رب هل لي إلى منزلي من رجوع

كم أمد الذراع و أهدم سقف الضلوع

لا أمسّ المدى أو أصيب الزمانا

فهو شيء على الروح يسعى هباء و ظلمة

ليت عصر النبوّات لم يطو حلمه

وشت المعجزات الحواشي فكانت و كنا

**

ليتني العازر انفضّ عنه الحمام

يسلك الدرب عند الغروب

يتمهّل لا يقرع الباب من ذا يؤوب

من سراديب للموت عبر الظلام

لن تصدّق أنّي ستهوي يداها

عن رتاج و تصفرّ لي وجنتاها

ثم تركض مذعورة تشدّ بخيط الدروب

نحو قبري و تطويه حتى تمسّ الضريح الحطام

**

إيه إقبال لا تيأسي من رجوعي

هاتفا قبل أن أقرع الباب عادا

عازر من بلاد الدجى و الدموع

قبليني على جبهة صكّها الموت صكّا أليما

حدّقي في عيون شهدن الردى و المعادا

عدت لن أبرح الدار حتى لو أنّ النجوما

دحرجت سلّما من ضياء و قالت

تخطّ السديما