هوى واحد

على مقلتيكِ ارتشفتُ النجوم

وعانقتُ آماليَ الآيبهْ

وسابقتُ حتى جناحَ الخيال

بروحي إلى روحكِ الواثبهْ

أطلَّت فكانت سنًا ذائبًا

بعينيكِ في بسمةٍ ذائبهْ

•••

أأنتِ التي ردَّدَتْها مُناي

أناشيدَ تحت ضِياءِ القمر

تُغني بها في ليالي الربيع

فتحلُم أزهاره بالمطر

ويمضي صداها يهزُّ الضياء

ويغفو على الزورقِ المُنتَظَر؟

•••

خُذي الكأس بُلِّي صداكِ العميق

بما ارتجَّ في قاعها من شراب

خُذي الكأس لا جفَّ ذاك الرحيق

ولم يَبقَ إلا جنونُ السَّراب

وإلا صدًى هامسٌ في القرار:

ألا ليتَني ما سَقَيتُ التراب

•••

خُذي الكأس إني زرعتُ الكرومَ

على قبر ذاك الهوى الخاسر

فأعراقها تستعيدُ الشراب

وتَشتَفه من يدِ العاصِر

خُذي الكأس إني نسيتُ الزمان

فما في حياتي سوى حاضِر

•••

وكان انتظارًا لهذا الهوى

جُلوسي على الشاطئِ المُقفِر

وإرسالُ طَرفي يجوبُ العُباب

ويرتدُّ عن أُفقه الأَسمَر

إلى أن أهَلَّ الشراعُ الضحوكُ

وقالت لكِ الأمنيات: انظُرِي

•••

أأنكرتِ حتى هواكِ اللَّجوج

وقلبي وأشواقَكِ العارمه؟

وضلَّلتِ في وهدةِ الكبرياءِ

صداها فيا لكِ مِن ظالمه

تجنَّيْتِ حتى حسبتِ النعاس

ذبولًا على الزهرةِ النائمه

•••

أتنسَينَ تحت التماعِ النجوم

خُطانا وأنفاسَنا الواجفة

وكيف احتضنَّا صدًى في القلوبِ

تُغنِّي به القُبلةُ الراجفة

صدًى لجَّ قبل احتراقِ الشِّفاه

وما زال في غَيهبِ العاطفة

•••

ورانَتْ على الأَعيُن الوامقات

ظِلالٌ من القُبلةِ النائية

تُنادي بها رغبةٌ في الشفاه

ويمنعها الشكُّ والواشية

فترتجُّ عن ضغطةٍ في اليدَين

جمعنا بها الدهرَ في ثانية

•••

“شقيقةُ روحي ألا تذكرين”

نداءً سيبقى يجوبُ السنين

وهمسًا من الأنجُمِ الحالمات

يهزُّ التماعاتها بالرنين

تسلَّلَ من فجوةٍ في الستار

إليكِ وقال: ألا تذكُرين؟

•••

تعالَيْ فما زال في مُقلتَيَّ

سَنًا ماجَ فيه اتِّقَاد الفؤاد

كما لاح في الجدول المُطْمئِنِّ

خيالُ اللَّظى والنجوم البعاد

فلا تزعُمي أنَّ هذا جليد

ولا تزعُمي أنَّ هذا رماد

١٦ / ٢ / ١٩٤٨