أأحبابنا ما ذا الرحيل الذي دنا

أَأَحبابَنا ما ذا الرَحيلُ الَّذي دَنا

لَقَد كُنتُ مِنهُ دائِماً أَتَخَوَّفُ

هَبوا لِيَ قَلباً إِن رَحَلتُم أَطاعَني

فَإِنّي بِقَلبي ذَلِكَ اليَومَ أُعرَف

وَيالَيتَ عَيني تَعرِفُ النَومَ بَعدَكُم

عَساها بِطَيفٍ مِنكُمُ تَتَأَلَّفُ

قِفوا زَوِّدوني إِن مَنَنتُم بِنَظرَةٍ

تُعَلِّلُ قَلباً كادَ بِالبَينِ يَتلَفُ

تَعالَوا بِنا نَسرِق مِنَ العُمرِ ساعَةً

فَنَجني ثِمارَ الوَصلِ فيها وَنَقطِفُ

وَإِن كُنتُمُ تَلقَونَ في ذاكَ كُلفَةً

دَعوني أَمُت وَجداً وَلاتَتَكَلَّفوا

أَأَحبابَنا إِنّي عَلى القُربِ وَالنَوى

أَحِنُّ إِلَيكُم حَيثُ كُنتُم وَأَعطِفُ

وَطَرفي إِلى أَوطانِكُم مُتَلَفِّتٌ

وَقَلبي عَلى أَيّامِكُم مُتَأَسِّفُ

وَكَم لَيلَةٍ بِتنا عَلى غَيرِ ريبَةٍ

يَحُفُّ بِنا فيها التُقى وَالتَعَفُّفُ

تَرَكنا الهَوى لَمّا خَلَونا بِمَعزِلٍ

وَباتَ عَلينا لِلصَبابَةِ مُشرِفُ

ظَفِرنا بِما نَهوى مِنَ الأُنسِ وَحدَهُ

وَلَسنا إِلى ماخَلفَهُ نَتَطَرَّفُ

سَلوا الدارَ عَمّا يَزعَمُ الناسُ بَينَنا

لَقَد عَلِمَت أَنّي أَعِفُّ وَأَظرَفُ

وَهَل آنَسَت مِن وَصلِنا ما يُشينُنا

وَيُنكِرُهُ مِنّا العَفافُ وَيَأنَفُ

سِوى خَصلَةٍ نَستَغفِرُ اللَهَ إِنَّنا

لَيَحلو لَنا ذاكَ الحَديثُ المُزَخرَفُ

حَديثٌ تَخالُ الدَوحَ عِندَ سَماعِهِ

لَما هَزَّ مِن أَعطافِهِ يَتَقَصَّفُ

لَحى اللَهُ قَلباً باتَ خِلواً مِنَ الهَوى

وَعَيناً عَلى ذِكرِ الهَوى لَيسَ تَذرِفُ

وَإِنّي لَأَهوى كُلَّ مَن قيلَ عاشِقٌ

وَيَزدادُ في عَيني جَلالاً وَيَشرَفُ

وَما العِشقُ في الإِنسانِ إِلّا فَضيلَةٌ

تُدَمِّثُ مِن أَخلاقِهِ وَتُلَطِّفُ

يُعَظَّمُ مَن يَهوى وَيَطلُبُ قُربُهُ

فَتَكثُرُ آدابٌ لَهُ وَتَظَرَّفُ