أخذت عليه بالمحبة موثقا

أَخَذتُ عَلَيهِ بِالمَحَبَّةِ موثِقاً

وَمازالَ قَلبي مِن تَجَنّيهِ مُشفِقا

وَقَد كُنتُ أَرجو طَيفَهُ أَن يُلِمَّ بي

فَأَسهَرَني كَي لا يُلِمَّ وَيَطرُقا

وَلي فيهِ قَلبٌ بِالغَرامِ مُقَيَّدٌ

لَهُ خَبَرٌ يَرويهِ دَمعِيَ مُطلَقا

كَلِفتُ بِهِ أَحوى الجُفونِ مُهَفهَفاً

مِنَ الظَبيِ أَحلى أَو مِنَ الغُصنِ أَرشَقا

وَمِن فَرطِ وَجدي في لَماهُ وَثَغرِهِ

أُعَلِّلُ قَلبي بِالعُذيبِ وَبِالنَقا

كَذَلِكَ لَولا بارِقٌ مِن جَبينِهِ

لَما شِمتُ بَرقاً أَو تَذَكَّرتُ أَبرَقا

وَلي حاجَةٌ مِن وَصلِهِ غَيرَ أَنَّها

مُرَدَّدَةٌ بَينَ الصَبابَةِ وَالتُقى

خَليلَيَّ كُفّا عَن مَلامَةِ مُغرَمٍ

تَذَكَّرَ أَيّاماً مَضَت فَتَشَوَّقا

وَلا تَحسِبا قَلبي كَما قُلتُما سَلا

وَلا تَحسِبا دَمعي كَما قُلتُما رَقا

فَما اِزدادَ ذاكَ القَلبُ إِلّا تَمادِياً

وَما اِزدادَ ذاكَ الدَمعُ إِلّا تَدَفُّقا

إِلى كَم أُرَجّي باخِلاً بِوِصالِهِ

وَحَتّى مَتى أَخشى القِلى وَالتَفَرُّقا

فَحَسبُ فُؤادي لَوعَةً وَصَبابَةً

وَحَسبُ جُفوني عَبرَةً وَتَأَرُّقا

عَلى أَنَّها الأَيّامُ مَهما تَداوَلَت

سُرورٌ تَقَضّى أَو جَديدٌ تَمَزَّقا

وَلَستَ تَرى خِلّاً مِنَ الغَدرِ سالِماً

وَلا تَنتَقي يَوماً صَديقاً فَيَصدُقا

إِذا نِلتَ مِنهُ الوُدَّ كانَ تَكَلَّفاً

وَإِن نِلتَ مِنهُ البِشرَ كانَ تَمَلُّقا

وَمِمّا دَهاني حِرفَةٌ أَدَبِيَّةٌ

غَدَت دونَ إِدراكِ المَطالِبِ خَندَقا

وَإِن شَمَلَتني نَظرَةٌ صاحِبيَّةٌ

فَلَستُ أَرى يَوماً مِنَ الدَهرِ مُملِقا

وَزيرٌ إِذا ما شِمتَ غُرَّةَ وَجهِهِ

فَدَع لِسِواكَ العارِضَ المُتَأَلِّقا

ذَمَمتُ السَحابَ الغُرَّ يَومَ نَوالِهِ

وَحَقَّرَ عِندي وَبلَها المُتَدَفِّقا

وَجَدتُ جَناباً فيهِ لِلمَجدِ مُرتَقىً

وَفيهِ لِذي الحاجاتِ وَالنُجحِ مُلتَقى

إِذا قُلتُ عَبدَ اللَهِ ثُمَّ عَنَيتَهُ

جَمَعتَ بِهِ كُلُّ التَعاويذِ وَالرُقى

يَقيكَ مِنَ الأَيّامِ كُلَّ مُلِمَّةٍ

وَيَكفيكَ مِن أَحداثِها ما تَطَرَّقا

وَكَم لَكَ فينا مِن كِتابٍ مُصَنَّفٍ

تَرَكتَ بِهِ وَجهَ الشَريعَةِ مُشرِقا

عَكَفنا عَلَيهِ نَجتَني مِن فُنونِهِ

فَعَلَّمَنا هَذا الكَلامَ المُؤَنَّقا

وَكَم شاعِرٍ وافى إِلَيكَ بِمَدحَةٍ

فَزَخرَفَها مِمّا أَفَدتَ وَنَمَّقا

فَإِن حَسُنَت لَفظاً فَمِن رَوضِكَ اِجتَنى

وَإِن عَذُبَت شُرباً فَمِن بَحرِكَ اِستَقى

فَلا زِلتَ مَمدوحاً بِكُلِّ مَقالَةٍ

تُريكَ جَريراً عَبدَها وَالفَرَزدَقا

وَما حَسُنَت عِندي وَحَقِّكَ إِذ غَدَت

هِيَ التِبرُ مَسبوكاً أَوِ الدُرُّ مُنتَقى

وَلا إِن جَرَت مَجرى النَسيمِ لَطافَةً

وَلا إِن حَكَت زَهرَ الرِياضِ المُعَبِّقا

وَلَكِنَّها حازَت مِنِ اِسمِكَ أَحرُفاً

كَسَتها جَمالاً في النُفوسِ وَرَونَقا