يعز علي فقدك يا علي

يَعِزُّ عَلَيَّ فَقدُكَ يا عَلِيُّ

أَلا لِلَّهِ ذا الأَجَلُ الوَحِيُّ

تَكَدَّرَ فيكَ صافي العَيشِ لَمّا

عَدِمتُكَ أَيُّها الخِلُّ الصَفِيُّ

لَئِن أَخلَيتُ مِنكَ مَحَلَّ أُنسي

فَما أَنا فيكَ مِن أَسَفٍ خَلِيُّ

فَبَعدَكَ لَيسَ يُفرِحُني بَشيرٌ

وَبَعدَكَ لَيسَ يُحزِنُني نَعِيُّ

وَلَوكانَ الرَدى بَشَراً سَوِيّاً

لَهابَكَ أَيُّها البَشَرُ السَوِيُّ

عَصاني الصَبرُ بَعدَكَ وَهوَ طَوعي

وَطاوَعَ بَعدَكَ الدَمعُ العَصِيُّ

وَهَل أَبقَت لِيَ الأَيّامُ دَمعاً

فَيُسعِدني بِهِ الجَفنُ الشَقِيُّ

فَيا جَزَعي تَعَزَّ فَلَيسَ صَبرٌ

وَيا ظَمَأي تَسَلَّ فَلَيسَ رِيُّ

أَتَمضي أَنتَ مُنفَرِداً وَأَبقى

لَقَد غَدَرَتكَ نَفسُكَ ياوَفِيُّ

فَهَل حَقٌّ حَياتُكَ يا زُهَيرٌ

وَهَل حَقٌّ وَفَاتُكَ يا عَلِيُّ

وَحَقّاً صارَ ذاكَ البَحرُ يُبساً

وَصَوَّحَ ذَلِكَ الرَوضُ البَهِيُّ

وَأَقلَعَ ذَلِكَ الغَيثُ المُرَجّى

فَلا الوَسميُّ مِنهُ وَلا الوَلِيُّ

لَقَد طَوَتِ الحَوادِثُ مِنهُ جِسماً

وَلَيسَ لِذِكرِهِ في الناسِ طَيُّ

مَضَوا بِسَريرِهِ وَعَلَيهِ نورٌ

جَلِيٌّ تَحتَهُ سِرٌّ خَفِيُّ

وَفي أَكفانِهِ نَدبٌ سَرِيٌّ

تَخَلَّفَ بَعدَهُ ذِكرٌ سَنِيُّ

عَلى حينَ اِستَفاضَ الذِكرُ عَنهُ

وَحينَ أَتى كَما اِندَفَعَ الأَتِيُّ

وَكَم دَرَّت مَكارِمُهُ لِعافٍ

كَما دَرَّت لِأَطفالٍ ثُدِيُّ

وَكَم أَروى عَلى ظَمَإٍ نَداهُ

سَقاهُ هاطِلُ الغَيثِ الرَوِيُّ