أحارث عللني وإن كنت مسهبا

أَحارِثَ عَلِّلني وَإِن كُنتُ مُسهَبا

وَلا تَرجُ نَومي قَد أَجَدَّ لِيَذهَبا

دَنا بَيتُ مَن أَهوى وَشَطَّ بِبَينِهِ

حَبيبٌ فَأَصبَحتُ الشَقِيَّ المُعَذَّبا

إِذا شِئتُ غاداني وَخيمٌ مُلَعَّنٌ

وَجَنَّبتُ مِن وُدّي لَهُ فَتَجَنَّبا

أَحارِثَ ما طَعمُ الحَياةِ إِذا دَنا

بَغيضٌ وَفارَقتُ الحَبيبَ المُقَرَّبا

وَقائِلَةٍ ما لي رَأَيتُكَ خاشِعاً

وَقَد كُنتَ مِمّا أَن تَلَذَّ وَتَطرَبا

فَقُلتُ لَها مَشّى الهَوى في مَفاصِلي

وَرامي فَتاةٍ لَيتَهُ كانَ أَصوَبا

تَرَقَّبُ فينا العاذِلينَ عَلى الهَوى

وَما نالَ عَيشاً قَبلَنا مَن تَرَقَّبا

إِذا نَحنُ لَم نَنعَم شَباباً فَإِنَّما

شَقينا وَلَم يَحزَن لَنا مَن تَشَبَّبا

وَما اِستَفرَغَ اللَذّاتِ إِلّا مُقابِلٌ

إِذا هَمَّ لَم يَذكُر رِضى مَن تَشَبَّبا

فَلا تَرقُبي في عاشِقٍ أَنتِ هَمُّهُ

قَريباً وَلا تَستَأذِني فيهِ أَجنَبا

لِعَلَّكُما تَستَعهِدانِ مِنَ الهَوى

بِنَظرَةِ عَينٍ أَو تُريدانِ مَلعَبا

يَلومُكِ في الحُبِّ الخَلِيُّ وَلَو غَدا

بِداءِ الهَوى لَم يَرعَ أُمّاً وَلا أَبا

أَخُشّابَ قَد طالَ اِنتِظاري فَأَنعِمي

عَلى رَجُلٍ يَدعو الأَطِبّاءَ مُتعَبا

أُصيبَ بِشَوقٍ فَاِستُخِفَّت حَصاتُهُ

وَلا يَعرِفُ التَغميضَ إِلّا تَقَلُّبا

يَرى الهَجرَ أَحياناً مِنَ الهَمِّ عارِضاً

وَإِن هَمَّ بِالهِجرانِ هابَ وَكَذَّبا

بِهِ جِنَّةٌ مِن صَبوَةٍ لَعِبَت بِهِ

وَقَد كانَ لا يَصبو غُلاماً مُشَبَّبا

تَمَنّاكِ حَتّى صِرتِ وَسواسَ قَلبِهِ

وَعاصى إِلَيكِ الصالِحينَ تَجَنُّبا

وَبَيضاءَ مِعطارٍ يَروقُ بِعَينِها

رَأَت بي كَبيراً مِن هَواكِ فَسَبَّحَت

وَأَكبَرُ مِمّا قَد رَأَت ما تَغَيَّبا

أَخُشّابَ قَد كانَت عَلى القَلبِ قُرحَةٌ

مِنَ الشَوقِ لا يَسطيعُها مَن تَطَيَّبا

إِذا قُدِحَت مِنها الصَبابَةُ نَتَّجَت

عَقارِبُ فيها عَقرَباً ثُمَّ عَقرَبا

وَحَتّى مَتى لا نَلتَقي لِحَديثِنا

وَمَكنونِ حُبِّ في الحَشا قَد تَشَعَّبا

تَقَطَّعُ نَفسي كُلَّ يَومٍ وَلَيلَةٍ

إِلَيكِ مَنوطاً بَالأَمانِيِّ خُلَّبا