أعاذل قد نهيت فما انتهيت

أَعاذِلَ قَد نَهَيتِ فَما اِنتَهَيتُ

وَقَد طالَ العِتابُ فَما اِنثَنَيتُ

أَعاذِلَ ما مَلَكتِ فَأَقسِريني

وَما اللَذّاتُ إِلّا ما اِشتَهَيتُ

أُطيعُكِ ما عَطَفتِ عَلَيَّ بِرّاً

وَإِن حاوَلتِ مَعصِيَتي عَصَيتُ

أَعاذِلَ قَد كَبِرتُ وَفِيَّ مَلهىً

وَلَو أَجرَيتُ غايَتَكِ اِرعَوَيتُ

لَقَد نَظَرَ الوُشاةُ إِلَيَّ شَزراً

وَمِن نَظَري إِلَيها ما اِشتَفَيتُ

وَقَالوا قَد تَعَرَّضَ كَي يَراها

وَماذا ضَرَّهُم مِمّا رَأَيتُ

وَما كَلَّفتُها إِلّا جَميلاً

وَلا عاهَدتُها إِلّا وَفَيتُ

وَيَومَ ذَكَرتُها في الشَربِ إِنّي

إِذا عَرَضَ الحَديثُ بِها اِعتَدَيتُ

شَرِبتُ زُجاجَةً وَبَكَيتُ أُخرى

فَراحوا مُنتَشينَ وَما اِنتَشَيتُ

وَما يَخفى عَلى النُدَماءِ أَنّي

أُجيدُ بِها الغِناءَ وَإِن كَنَيتُ

وَأَتبَعتُ المُنى بِنَجادِ لَيتٍ

وَما يُغني عَنِ الطَّرَباتِ لَيتُ

وَجارِيَةٍ يَسورُ بِنا هَواها

كَما سارَت مُشَعشَعَةٌ كُمَيتُ

يُزَيِّنُ وَجهُها خَلقاً عَميماً

وَزَيَّنَ وَجهَها حَسَبٌ وَبَيتُ

إِذا قَرُبَت شَفَيتُ بِها سَقاماً

عَلى كَبِدي وَإِن شَحَطَت بَكَيتُ

نَسَجتُ لَها القَريضَ بِماءِ وُدّي

لِتَلبَسَهُ وَتَشرَبَ ما سَقَيتُ

وَدَسَّت في الكِتابِ إِلَيَّ إِنّي

وَقَيتُكَ لَو أَرى خَلَلاً مَضَيتُ

عَلى ما قَد عَلِمتَ جُنونُ أُمّي

وَأَعيُنُ إِخوَتي مُنذُ اِرتَدَيتُ

يَقولونَ اِنعَمي وَيَرَونَ عاراً

خُروجي إِن رَكِبتُ وَإِن مَشَيتُ

وَمِن طَرَبي إِلَيكِ خَشَعتُ فيهِم

كَما يَتَخَشَّعُ الفَرَسُ السُكَيتُ

وَقَد قامَت وَليدَتُها تُغَنّي

عَشِيَّةَ جاءَها أَنّي اِشتَكَيتُ

تَقولُ وَدُفُّها زَجَلُ النَواحي

إِذا أُمّي أَبَت صِلَتي أَبَيتُ

دَعاني مَن هَويتُ فَلَم أُجِبهُ

وَلَو أَسطيعُ حينَ دَعا سَعَيتُ

أَلا يا أُمَّتا لا كُنتِ أُمّاً

أَأُمنَعُ ما أُحِبُّ وَقَد غَلَيتُ

أَمِن حَجَرٍ فُؤادُكِ أَم حَديدٍ

وَما يَدري العَشيرُ بِما دَرَيتُ

وَما تَرثينَ لي مِمّا أُلاقي

وَإِنَّكِ لَو عَشِقتِ إِذا رَثَيتُ